أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مؤخراً أن إسرائيل ليست دولة لجميع مواطنيها، بل هي حكر على اليهود فقط. وتبدو كلماته مروعة، لكنها في الحقيقة أوضحت رسالة مهمة بشأن قانون يهودية الدولة الذي تروّجه منذ العام الماضي.

وهذا القانون يجعل فلسطينيي الداخل مواطنين من الدرجة الثانية، وهو مثير للخزي. فحملة نتانياهو لإعادة انتخابه في مواجهة لائحة اتهام بالرشوة والتزوير تبين أنه يزدهر من خلال تعزيز الانقسام بين اليهود والفلسطينيين.

وهذا الفعل الأخير من التعصب الساخر هو ببساطة هو جزء من هذه الممارسة. وينطبق الشيء نفسه على تحول نتانياهو نحو الأحزاب اليمينية المتطرفة للحصول على دعمها. فقد قام بتنسيق اندماج حزبي القوة اليهودية العنصري المعادي للعرب والبيت اليهودي الموالي للمستوطنين لمساعدتهما على تجاوز الحد الانتخابي وضمهما إلى ائتلافه. وتضم «القوة اليهودية» أتباع الحاخام الراحل مائير كاهانا، الذي تم حظر حزبه كاخ في إسرائيل وصنف من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كمنظمة إرهابية.

والآن يدعو نتانياهو ورثة كهانا إلى الانضمام للحكومة. وهم يطالبون، من بين أمور أخرى، بطرد العرب من إسرائيل. حتى لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية المؤيدة بشدة لنتانياهو هاجمت هذا القرار، واصفة حزب القوة اليهودية بأنه «عنصري ويستحق الشجب».

وأوصى المدعي العام لإسرائيل بحظر زعيم الحزب مايكل بن آري، على الرغم من أن اللجنة الانتخابية رفضت هذا القرار وحظرت في اليوم نفسه بعض المرشحين العرب.

لكن الذين يصوتون لصالح نتانياهو يعرفون ما الذي سيحصلون عليه، فقد فاز في انتخابات 2015 جزئياً من خلال تحذيره الدنيء في اللحظة الأخيرة بأن الناخبين العرب يتجهون إلى مراكز الاقتراع بأعداد كبيرة، أي بالتحريض على العداء للمواطنين الذين يمارسون حقهم في التصويت. وفي الوقت نفسه، يدعم المعادين للسامية ومؤيديهم في الشتات، وتبنيه لآراء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خير مثال على ذلك.

إذا تمكن نتانياهو من البقاء ونجح في الانتخابات المقبلة، فسيتغلب على ديفيد بن غوريون في المدة التي حكم بها إسرائيل كرئيس للوزراء. لكن إعلان المدعي العام بأنه يخطط لإصدار لائحة اتهام ضده فيما يتعلق بثلاث قضايا فساد حول في البداية استطلاعات الرأي بشكل واضح نحو التجمع الجديد الأزرق والأبيض، الذي يقوده رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق بيني غانتس وحزب «يش عتيد» بزعامة وزير المالية السابق يير لابيد.

ولا يتم تعريف التحالف من خلال ما يمثله، ولكن من خلال ما هو معدّ له. وهذه الانتخابات هي استفتاء على نتانياهو. ومع ذلك، هناك بالفعل علامات على أن الناخبين يتأرجحون في آرائهم كما تظهر استطلاعات الرأي. ولكن من المؤكد أنها ستحقق نتائج أفضل من السابق في تجيير التصويت لصالح أحد المرشحين. وعلى الرغم من تفوق «الأزرق والأبيض» على حزب الليكود بعدة مقاعد، فقد استطاع نتانياهو من تشكيل ائتلاف. وعلى أي حال، وضع غانتس نفسه كمرشح يختلف عن نتانياهو وليس ضده.

وتتباهى مقاطع الفيديو الخاصة بالحملات الانتخابية بالدور الذي لعبته بعض الأحزاب في قصف أجزاء من غزة في عام 2014 وإرجاعها قروناً إلى الوراء. ولم يدعم أي من الحزبين الرئيسيين صراحة حل الدولتين فيما يتعلق بالأزمة المتواصلة مع الفلسطينيين.

يعتقد أنصار نتانياهو أنه وفّر الأمن والرخاء على الرغم من الاضطرابات في المنطقة، ويبدون استعدادهم للتغاضي عن تعصبه، بل وحتى مكافأته. ويمكن للمؤسسات الإسرائيلية أن تحقق ما كان ينبغي للناخبين تحقيقه منذ فترة طويلة. وبغض النظر عن النتيجة في يوم الانتخابات، لا يزال نتانياهو يواجه إجراءات قانونية، على الرغم أنه قد يحاول تغيير القانون بحيث لا يمكن توجيه الاتهام إلى رؤساء الوزراء الحاليين.

لكن لا المحاكم ولا غانتس سيعكسان اتجاه اليمين في البلاد والأضرار التي يلحقها بالفلسطينيين، بمن فيهم مواطنو الداخل. وهذا لن يحدث إلا عندما يطور الناخبون شهية التغيير المطلوبة بشدة.