منتدى الشباب الإسلامي الذي استضافته الدوحة الأيام الماضية، وضم شباباً من حوالي 56 دولة من أعمار تتراوح ما بين 18 إلى 30 عاماً هو منتدى يستحق التوقف، وقراءة الرسائل التي يحملها في هذا التوقيت، فهذا المنتدى يؤكد أن قطر تواصل تغريدها خارج السرب العربي، وأن تنظيم الحمدين لديه أجندة تخريبية في المنطقة يسعى إلى تحقيقها.

ما أشبه الليلة بالبارحة.. هذا المنتدى يذكرنا بأكاديمية التغيير التي أنشئت في لندن عام 2006، وأنشئ فرع آخر لها في قطر عام 2009، ويشرف عليها زوج ابنة القرضاوي، وكان هدفها هو تغيير الأنظمة الحاكمة في العالم العربي، وضمت شباباً من مختلف التيارات والألوان السياسية، وتم تقسيم المهام آنذاك إلى جزأين: الأول تتولى فيه قطر التنسيق والتواصل مع شباب الإخوان على مستوى العالم، والثاني تتولى فيه أمريكا التواصل مع شباب التيارات والألوان السياسية الأخرى، وكانت هذه الأكاديمية تتلقى تمويلها من بنك قطر الإسلامي، ومن خزينة الدولة القطرية، ومنذ أن عقدت هذه الأكاديمية ما يسمى «منتدى المستقبل» في لندن عام 2006، وكانت له أجندة محددة الأهداف بدأ تنفيذها تدريجياً حتى جاء ما يسمى بالربيع العربي، وتصدير مصطلحات جديدة مثل قلب نظام الحكم والعصيان المدني.

نجحت هذه الأهداف الملعونة في بعض العواصم العربية، وفشلت في البعض الآخر. وسط يقظة الشعوب استعادت بعض الدول العربية قوتها وثباتها واستقرارها، ولم تتحقق أهداف الدولة الوظيفية «قطر» رغم كل ما تبذله من مجهودات، ورغم كل ما تنفقه من مليارات على دعم وتمويل الإرهاب في المنطقة. شعرت الدوحة بالقلق، لم يعد لها قبول في محيطها العربي. أدركت أن وجودها بات مهدداً، وأن رهاناتها على الإخوان قد فشلت فشلاً ذريعاً، وأنها أمام ما يسمى في العلوم السياسية «اللعبة الصفرية» أي تكون أولا تكون، وبالتالي راح مفكروها يبحثون عن مشروع جديد يقطعون به طريق الاستقرار داخل العواصم العربية التي نجحت في مواجهة مناهج التخريب التي تبنتها أكاديمية الدوحة.

«منتدى الشباب الإسلامي» أو «منتدى الدوحة للإرهاب» الذي عقد أخيراً، هو واحد من أفكار تنظيم الحمدين لإعادة ضخ دماء العنف من جديد في شرايين شباب الإخوان، ومحاولة استقطاب عقول بكر لتوظيفها مقابل إغراءات مالية باهظة يتم من خلالها إقناعهم بأفكار مغلوطة تحت لافتات الحرية والديمقراطية.

هذا المنتدى تضمن مناقشات تتعلق بتقوية الشعور بالزعامة والسيطرة على المواقع، وكيفية فرض الرأي وإقناع الآخر، وضرورة التعاطي مع وسائل التواصل الاجتماعي سيما أنها الوسيلة الأهم التي تستخدمها قطر وجماعة الإخوان الإرهابية في نشر أجندتها ومخططاتها التخريبية.

لم يخف هذا المنتدى أهدافه، فقد جاء شعاره مستمداً من أدبيات تنظيم الإخوان الإرهابي وهو «الأمة بشبابها» فضلاً عن أن اتحاد القرضاوي المصنف إرهابياً هو الذي تولى عملية الترويج للمنتدى عبر مواقعه الإلكترونية.

إذاً نحن أمام تحركات علنية خطيرة، فمنتدى الدوحة للشباب هو استكمال لمشروع أكاديمية التغيير التي تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، تنظيم الحمدين يهرول وراء سراب تمكين الجماعة الإرهابية التي هي نقطة ارتكاز له منذ عام 1954 عندما تحولت الدويلة إلى مكتب إرشاد الجماعة، وفتحت أبوابها للقادمين من القاهرة بعد محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، بالإضافة إلى الذين طردتهم المملكة العربية السعودية بعد أحداث 11 سبتمبر، وتحولت فنادق قطر إلى الحضن الدافئ لقيادات وعناصر الإرهاب وسرعان ما انخرطوا داخل مؤسسات الدولة لدرجة أنهم صاروا عنواناً وهوية لنظام الحكم ومؤسساته في قطر، ومن هنا باتت الجماعة الإرهابية رقماً مهماً في حسابات القوى بالنسبة للحكم القطري في التعامل مع المنطقة.

إذاً هذا المنتدى يدق ناقوس خطر يدفعنا للسؤال: لماذا لم تتخذ جامعة الدول العربية قراراً بتجميد عضوية قطر حتى الآن؟

* رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي