النجاح الذي حققتُه في مسيرتي، هو ثمرة العمل الدؤوب والتفاؤل، شأني في ذلك شأن معظم أصدقاء الطفولة، وعدد كبير من أبناء بلادي، الذين أبصروا النور في زمنٍ كانت فيه المياه النظيفة ترفاً بعيد المنال. في تلك الأيام الحافلة بالمشقات والصعوبات، لم نجلس مكتوفي الأيدي، ونتحسّر على نصيبنا في هذه الحياة.

لا، بل وضعنا ثقتنا الكاملة في مؤسّسي دولة الإمارات، المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، اللذين دفعانا إلى الإيمان بقدراتنا، وتمكّنا، بمعونة الله تعالى، من بناء وطن رائع، يحسدنا العالم عليه، على الرغم من كل العقبات.

نعم، ما زلت أحافظ على تفاؤلي. وأشكر الله يومياً على النعَم التي أغدق بها علي، ولكن جامعة الحياة علّمتني أيضاً أن أكون واقعياً.

ثمة نظام شرير يتربّص بنا عند عتبة بابنا، ويحاول أن يلسعنا كما البعوض المزعج، ولكنني على يقين من أنه إذا استمر نظام الملالي في مزاولة أنشطته التخريبية، فإما سيُضطر إلى التراجع، وإما ستتم السيطرة عليه. ولن تتسنّى له الفرصة كي يُعيث في الأرض خراباً، ويطلق العنان لمساوئه وشروره.

لن يسمح المجتمع الدولي لدولة مارقة، بدفع الاقتصاد العالمي نحو الانهيار. يستعرض النظام الإيراني عضلاته، ولكن ثمة إجماع بأن الملالي لن يُقدموا على خطوة انتحارية.

فهم لن يتجاوزوا الخطوط الحمراء، لأنهم سيواجهون مصيراً بائساً، ويُسطِّرون نهايتهم بأيديهم. كما أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لا يريد إشعال شرارة حرب جديدة في الشرق الأوسط، على الرغم من خطابه الناري.

الرسالة التي أوجّهها بسيطة. الماضي هو مؤشر جيد عن المستقبل، ولا داعي للإصابة بالذعر بسبب الأوضاع الجيوسياسية في المنطقة.

لقد استدعت حرب الناقلات في الثمانينيات، عندما استهدفت إيران السفن في مضيق هرمز، تدخلاً بحرياً أمريكياً عام 1987، لحماية السفن في المضيق الذي تمرّ عبره 30 في المئة من حركة شحن النفط في العالم. كان الوضع أسوأ بكثير في تلك الأيام، وأؤكّد لكم، أن ما يحصل الآن هو حالة عابرة ذات تأثير ضئيل في الاقتصاد في الإمارات، وغيرها من دول الخليج.

أناشد إخواني الإماراتيين، أن يشدّوا على أيديهم، وأن يقوّوا قلوبهم. لا تصدّقوا أبواق الشؤم في وسائل الإعلام الأجنبية. وتذكّروا توقّعات المعلقين الغربيين المضحكة عن انهيار دبي تحت رمال الصحراء، خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في 2007-2008.

صحيح أن دبي عانت من بعض الصعوبات لفترة معيّنة، شأنها في ذلك شأن بلدان أخرى، لكنها سرعان ما نهضت كما طائر الفينيق، وتفوّقت على معظم الدول الأخرى، التي اضطُرَّت إلى تطبيق إجراءات تقشفية طوال سنوات، في حين سلكت بلادنا الطريق المعاكس، من خلال توظيف استثمارات طائلة في البنى التحتية.

يقوم الاقتصاد الإماراتي على مرتكزات راسخة من السلامة والأمان والاستقرار. بلادنا أشبه بجزيرة استوائية هانئة ومسالمة، في بحر مليء بأسماك القرش. لطالما عانت منطقتنا من الاضطرابات الجيوسياسية على امتداد تاريخها، لكن الإمارات تمكّنت من الصمود والازدهار.

والآن، إليكم الخبر السار! يشهد الاقتصاد في دبي، والإمارات عموماً، تحسناً كبيراً منذ مطلع هذا العام. وقد حصلت مجموعة شركاتي على جرعة زخم في مختلف القطاعات، لا سيما في القطاع العقاري، وفي مبيعات السيارات وتأجيرها، والتأمين والمدارس، على الرغم من كل ما يجري في المنطقة.

وأؤكّد أيضاً، استناداً إلى خبرة واطلاع عن كثب، أن حجوزات الفنادق المستقبليّة، شهدت ارتفاعاً كبيراً. هذا فضلاً عن النمو الكبير في قطاع التجزئة. وفي ذلك خير دليل على أن ثقة المستثمرين ببلادنا لا تزال قوية.

ولا شك في أن جهات عدّة تشاركني هذا الرأي. فقد ورد في التقرير الفصلي الصادر عن مصرف الأعمال والاستثمارات الفرنسي «ناتيكسيس»، أن معدل نمو إجمالي الناتج المحلي في الإمارات، ارتفع من 1.9 في المئة في الربع الأخير من عام 2018، إلى 2.2 في المئة في الربع الأول من العام 2019. ووفقاً لتوقعات المصرف، فالآفاق الاقتصادية «موجَّهة جيداً»، على الرغم من التشنجات السياسية.

وقد أشادت بوّابة Logistics Middle East الإلكترونية، بالنمو الاقتصادي الإماراتي، معتبرةً أنه الأكثر مؤاتاة في المنطقة، واستشهدت في هذا الإطار بـ «مؤشرات وعد النمو»، الصادرة عن شبكة KPMG لعام 2019، والتي تضع الإمارات في المرتبة الأولى بين جميع بلدان المنطقة «في الاستقرار الماكرو اقتصادي، والانفتاح وجودة المؤسسات، وفي البنى التحتية والتنمية البشرية».

ويُتوقَّع أن يشهد الاقتصاد طفرة العام المقبل، بفضل معرض «إكسبو 2020»، الذي يُرتقَب أن يجلب أكثر من 122.6 مليار درهم إلى الاقتصاد، وأن يولّد أعمالاً تصل نسبتها إلى 1.5 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، بحسب ما ورد في تقرير صدر بتكليف من حكومة دبي.

ويُتوقَّع أن تكون القمة الحكومية العالمية المقرر عقدها في 22 نوفمبر خلال «إكسبو 2020»، والتي ستمتد لثلاثة أيام، الأكبر على الإطلاق، إذ يُرتقَب أن يشارك فيها أكثر من 10600 مسؤول وخبير رفيع المستوى، من 190 بلداً. وسوف يُسلّط معرض «إكسبو 2020»، الضوء على إنجازات الإمارات وابتكاراتها، التي من المؤكّد أنها ستُدهش العالم.

نحن -الإماراتيين- من الشعوب الأكثر حظوة في العالم في مختلف الجوانب. نرفع رؤوسنا عالياً، بفضل الشجاعة والثبات اللذين تحلّى بهما الشيخ زايد والشيخ راشد، هذين الرجلَين العظيمين، اللذين لم يكن لكلمة «فشل» وجودٌ في قاموسهما.

وأبناؤهما من الطينة نفسها، ويقرؤون في الكتاب نفسه، حيث «لا شيء مستحيل». لا يُضيّعون وقتهم في المهاترات العقيمة والتشكيك الذاتي، فهم منهمكون بالعمل على مشاريع جديدة، يقطعون بها أشواطاً نحو الأمام.

فلنقرأ في كتابهم. ولنتقدّم بثقة نحو المستقبل، غير آبهين لأيادي السوء التي تحاول إلحاق الأذى بنا. قال فرانكلين د. روزفلت، في عبارة شهيرة: «الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه، هو الخوف نفسه»، إنها حقيقة أزلية، تنطبق على كل الأزمنة.