كشف استطلاع للرأي العام أجرته وكالة الاتحاد الأوروبي للتسوق الأساسية أن 92% من المسلمين في أوروبا يعانون صوراً عدة من التمييز العنصري، وأوضحت النتائج التي نقلتها وكالة الاسوشيتد برس الأمريكية أن 53% من المسلمين في أوروبا واجهوا التفرقة العنصرية عند محاولات العثور على سكن بسبب أسمائهم، وأن 39% عانوا التمييز بسبب مظهرهم الخارجي عند سعيهم للحصول على عمل.

كما أشارت الدراسة إلى أن النساء المسلمات يشكلن أغلب تلك النسب وأن 94% من النساء المحجبات المشاركات في الاستطلاع تعرضن لاعتداءات ومضايقات لفظية وجسدية وأن 22% منهن تعرضن لصور من الأعمال العدائية الهجومية، وأجريت الدراسة على عينة شملت 10 آلاف و527 مسلماً في 15 دولة أوروبية تشمل النمسا وبلجيكا وألمانيا والدنمارك وفرنسا وهولندا والسويد.

وأكدت الدراسة أن مجرد أن تكون ذا بشرة سمراء في أوروبا يعنى العنصرية والسكن السيئ والوظيفة الأقل، ويقول ميشيال اوفلارتى مدير وكالة الاتحاد الأوروبي للحقوق السياسية، نحن بحاجة إلى التخلص من هذه العنصرية مرة واحدة وإلى الأبد، وذلك لن يتأتى دون سياسات وقوانين جديدة فعّالة لضمان إدماج ذوي البشرة السمراء بشكل كامل في المجتمعات الأوروبية.

وأكد باحثون ارتفاع معدلات حوادث (الدهس) بدافع كراهية المسلمين، فضلاً عن حوادث الاعتداء بالغرب التي أصبحت ظاهرة عامة وتجاوزت أن تكون حوادث فردية لأن العنصرية باتت علانية أكثر من السابق.

كما أن الشعبويين اليمينيين والحركات المعادية للأجانب يعطون شعوراً للمواطنين الأوروبيين بأنه أصبح من المشروع الحديث عن هذه الموضوعات بكل صراحة وبشكل عنصري، وبهذه الصورة تحولت العنصرية إلى شكل علني.

وربما تظهر هذه الحوادث أن الغلبة باتت لمشاعر العنصرية والمعاداة التي تنتشر في أوروبا على نطاق واسع، لكن ثمة ما يشير إلى نمو حركات مقاومة لهذه العنصرية، وفي ألمانيا تظاهر في أكتوبر الماضي أكثر من ربع مليون مواطن ألماني في بافاريا ضد ما سموه صعود اليمين المتطرف ضد العنصرية في أكبر مسيرات داخل البلاد طافت بعدد من مدن شرق ألمانيا.

وتضم جمعيات ونقابات عمال وأحزاباً وجماعات حقوقية، رفعت لافتات كتب عليها ابنوا صوراً لأجدادنا، ومتحدون ضد العنصرية ومتحدون من أجل مجتمع منفتح وحر، ومع ذلك فإن ارتفاع جرائم الكراهية بنسب عالية وصلت إلى 47% في عام 2017 في كندا واستهدفت بالأساس المسلمين والسود واليهود يشكل ظاهرة مقلقة ويعزو بعض الكنديين تنامي هذه الظاهرة إلى أن كندا ليست محصنة ضد الخطاب القادم من الولايات المتحدة، وذكر مكتب الإحصاءات الكندي أن ثلث جرائم الكراهية لا يتم الإبلاغ عنه.

وأن عدد جرائم الكراهية زاد في كندا بأكثر من الضعف، وأن عدد جرائم الكراهية ضد السود ارتفع بنسبة 50%، كما ارتفع ضد اليهود بنسبة مماثلة، وفي بريطانيا ارتفعت جرائم الكراهية ضد المسلمين بنسبة 40%، وفي فرنسا قرر العديد من رؤساء البلديات منع إقامة صلوات المسلمين في الشوارع وتحريم ارتداء النقاب، رغم أنه في فرنسا يعيش أكبر عدد من المسلمين في أوروبا.

حيث تتجاوز أعداد المسلمين في فرنسا خمسة ملايين مسلم مع استمرار الجدل حول مدى أحقيتهم في بناء مساجد جديدة، والواضح للعيان أن الخطاب السياسي المناهض للمهاجرين يشجع الاتجاهات العنصرية خاصة مع اتساع فجوة العمالة بين المهاجرين والوطنيين، لأن المهاجرين يقبلون دائماً الأجر الأقل.

وفي دراسة مهمة أشرفت عليها جامعة هارفارد احتلت جمهورية التشيك المرتبة الأولى كأكثر الدول الأوروبية عنصرية وتحيزاً، يتبعها ليتوانيا وروسيا البيضاء وأوكرانيا وبلغاريا، بينما احتلت سلوفينيا الدولة الأقل عنصرية في أوروبا.

* كاتب ومحلل سياسي