النفقة هي ما يصرفه الإنسان على غيره ممن تجب عليه نفقته من نقود وغيرها مما يحتاج إليه عادة من الطعام والكسوة والمسكن والدواء والركوب (السيارة أو الترحيل) والخدمة، وذلك حسب المتعارف عليه في مجتمع المنفق عليه لسد حوجته في الغذاء والملبس والمسكن.

النفقة الزوجية أثر من آثار الزواج وأول حقوق الزوجة على زوجها بسبب احتباسها له، إضافة إلى أن العرف يحكم بتوابع أخرى للنفقة كنفقات الأولاد وما تتقوى به المرأة أثناء الحمل وبعد الولادة. وقد أخذ القانون في تقدير النفقة بالوضع في الاعتبار دخله الفعلي، وحال المنفق عليه بمعنى حوجته الفعلية شريطة ألا تقل النفقة المفروضة عن حد الكفاية لتأمين مستلزمات المنفق عليه حسب الوضع الاقتصادي زماناً ومكاناً. ويتم التحري عن دخل الملزم بالنفقة حيث أجاز قانون الأحوال الشخصية في المادة (63) للمحكمة الاكتفاء بشهادة الاستكشاف للقضاء بمختلف أوجه النفقة.

إن الحكم بالنفقة من الأحكام القابلة للتغيير تبعاً لتغير حال المكلف بالنفقة أو تغير الحالة الاقتصادية وتغير الظروف المعاشية، وأجاز القانون رفع دعوى جديدة لزيادة النفقة أو إنقاصها ولكن بشرط مرور سنة على الحكم الأول الصادر بفرض النفقة. واستثنى القانون حالة حدوث ظروف استثنائية قبل مرور العام تقتضي تغيير النفقة بالزيادة أو النقصان فأجاز للمحكمة سماع الدعوى قبل انقضاء السنة وترك للقاضي تقدير هذه الظروف وتقييم ضرورة تعديل النفقة بناء عليها.

ونص القانون على أن دين النفقة مقدم على غيره من الديون لكونه من الضرورات الخمس التي أوجب الإسلام حفظها وهي (الدين، النفس، العقل، النسل والعرض والمال). وقر المشرع أن نفقة الزوجة تثبت منذ تاريخ العقد الصحيح إذا سلمت نفسها إليه ولو حكماً ما لم يثبت نشوز بحقها يسقط النفقة. وتعتبر النفقة ديناً في ذمة الزوج لا يسقط إلا بالوفاء أو الابراء. وحدد القانون مدة ثلاث سنوات سابقة لرفع الدعوى كأقصى مدة يمكن للزوجة المطالبة بها. وعادةً ما يقرر القاضي في الجلسة الأولى لسماع الدعوى نفقة مؤقتة للزوجة بناء على طلبها ويكون قراره مشمول بالنفاذ المعجل بقوة القانون.

تستحق المرأة المطلقة وهي حامل نفقة العدة متى طلقها الزوج أو فرق بينهما القاضي بطلقة رجعية أو طلاق بائن فهي ما زالت محتبسة لزوجها طوال مدة العدة فيجب عليه أن ينفق عليها حسبما تقرره المحكمة. والمطلقة غير الحامل لا تجب لها النفقة لأنها لم تعد زوجة للمطلق ولكن تجب على الزوج نفقة السكن لاحتمال أن يعيدها لعصمته بعقد ومهر جديدين.

ونص القانون حالات سقوط نفقة الزوجة وهي: إذا منعت نفسها من الزوج أو امتنعت عن الانتقال إلى بيت الزوجية دون عذر شرعي، إذا تركت بيت الزوجية دون عذر شرعي، إذا منعت الزوج من الدخول لبيت الزوجية دون عذر شرعي، إذا امتنعت عن السفر مع زوجها دون عذر شرعي، إذا صدر حكم أو قرار من المحكمة مقيد لحريتها في غير حق الزوج. ومن مفردات النفقة توفير مسكن شرعي واشترط القانون شرطين لاعتباره مسكناً شرعياً، أولهما أن يكون المسكن معداً في محل إقامة الزوج، وثانيهما أن يكون لائقاً بحاله وحالها حسب يسارهما وإعسارهما عرفاً ويشترط أن يشتمل على الأثاث اللازم وفقاً للعرف.

وقرر القانون أن نفقة الولد الصغير الذي لا مال له على أبيه وذلك حتى تتزوج الفتاة وحتى يصل الفتى للحد الذي يتكسب فيه أمثاله ما لم يكن طالب علم يواصل دراسته بنجاح معتاد فيجب على الأب حينها الإنفاق عليه وتلزم الأم الموسرة بنفقة أولادها المستحقين للنفقة في حالة فقد الأب أو عجزه عن الإنفاق وإذا ما أيسر الأب فلها الحق في الرجوع عليه بما أنفقت متى كان الإنفاق بإذنه أو بإذن القاضي.

والملاحظة الجديرة بالإيراد أن القانون نص في المادة (84) منه على أن نفقة المستحق للنفقة تجب على أقاربه الموسرين بحسب ترتيبهم وحصصهم في الإرث، فالقريب الموسر ملزم بالإنفاق على قريبه المعسر العاجز عن الكسب وهي مادة تبرز الطابع الرحيم لمفهوم النفقة في الإسلام وحرصه لتحقيق التكافل في المجتمع.