«نزل السلام» بيت إماراتي بحريني، فندق في المحرق هو عبارة عن بيت قديم أعيد ترميمه بدعم إماراتي سخي قدم بمناسبة «عام زايد» الذي عم خيره على كل البقاع، رحمه الله وطيب ثراه، البيت تحول الآن إلى فندق ضمن بيوت تابعة لمركز الشيخ إبراهيم الثقافي تحول لتحفة معمارية تحكي رواية العشق الإماراتي البحريني مثلما يحكي رواية الإنسان الخليجي البسيط بروحه السمحة وبعراقة أصالته.
في ليلة الافتتاح عمت روح السلام البحريني الإماراتي المكان وكأن للمكان من اسمه نصيب، وبحضور معالي نورة الكعبي وزير الثقافة الإماراتية وبحضور عدد كبير من الوزراء الإماراتيين وبمصاحبة إحدى الفرق الشعبية الإماراتية شهدنا روحاً جميلة بين الحضور البحريني والإماراتي تحكي قصة هذا الحب الأبدي مشاعر من الألفة قلما تجدها بين شعبين اتسما بالبساطة والتلقائية والعفوية كتصميم ذلك البيت، تلك هي الروح التي عمت ذلك البيت البحريني الأصيل والذي قد لا يختلف كثيراً عن بيوت الإماراتيين القديمة، حيث البساطة والصغر في المساحة إنما فيها بركة تمد المكان وتعلي السقف.
وأنت تتجول في البيت بعد تجديده وترميمه وإخراجه بالصورة النهائية التي رأها الحضور يتأكد لك حقيقة مهمة أن بيوتنا القديمة رغم صغر مساحتها (500 م مربع) قياساً ببيوتنا اليوم إلا أنها فيها بركة، حجرها صغيرة جداً لكنها استطاعت أن تضم أسرة بأكملها ومساحة الأرض صغيرة جداً ومع ذلك وفت بكل أغراضنا، بيت كهذا عاش فيه أفراد يزيدون على العشرة وأعمارهم مختلفة من الجد إلى الأحفاد وفر لهم الأمن لأطفالهم ولنسائهم وشيوخهم الكبار، وفر لهم الظل و(البراد) بتصميمه وهندسته، وفر لهم الألفة والمحبة والعلاقات الأسرية المترابطة التي جعلت أبناء العم يكبرون سوياً ويملكون في ذاكرتهم مخزوناً من الحب المتراكم. مزايا كثيرة تفتقدها فللنا وبيوتنا الكبيرة اليوم، لأن كثيراً من بيوتنا الحديثة ليس فيها بركة.
لا ارتدادات، بل البناء هو سور البيت ذاته، وفنائه داخله، وأشجاره وارفة الظل، احتفظ المجدد بذات التصميم مع تغيرات طفيفة، وما تغير في التصميم إلا تغطية السقف بالزجاج واحتفظت الغرف بمساحتها جددت الحمامات على أحدث طراز بتصميم داخلي للمبدع عمار بشير الذي أطلق عليه اسم (الساحر) وبعض التغيرات الطفيفة كتحويل المطبخ القديم في الطابق الثاني إلى غرفة نوم، والمحصلة النهائية فناء داخلي رائع لم يغب الأخضر عنه بأشجار النرنج ورائحته الزكية وسطح صغير غطاه الأخضر ليمنحه خصوصية وظلاً مديداً وفناء تحول إلى قاعة للفندق.
هذا التصميم (القديم) الذي يوفر كل احتياجات الأسرة البحرينية لا تحتاج إلى هدمه بل إلى ترميمه، هذه الرسالة التي يقدمها مركز الشيخ إبراهيم الثقافي للعالم، فكلفة ترميم أي بيت قديم لن تزيد على كلفة هدمه وبناء جديد، فإن حظي بمن يملك ذوقاً رفيعاً في التصميم الداخلي، فإن المسكن حتى وإن كان صغيراً في مساحته إلا أنه يثبت أن البركة تمنح المكان فسحة وتضفي عليها جمالاً أن وجدت، وإلا كيف تمكنا من إيجاد ست غرف نوم وغرفة طعام وغرفة جلوس ومطبخ وفناء يتوسط البيت وسطح مزروع في 500 م مربع؟ إنها البركة، هذه هي الرسالة التي قدمها لنا بيت فتح الله المرباطي في المحرق.
* كاتبة بحرينية