تعرضت الطبقة الجليدية في منطقة القطبين، لأكبر خسارة في حجمها يوم الخميس الماضي، حيث بلغ حجم الخسارة 12.5 مليار طن من الجليد في يوم واحد، ذابت وتحولت إلى أنهار جارية، تدفقت مياهها في المحيط الأطلسي، بسبب الارتفاع المتزايد في درجات الحرارة، وفق بيانات الأقمار الصناعية التي سجلها المركز الوطني للجليد في ولاية كولورادو، بما يؤكد صحة تنبؤات علماء المناخ، وتحذيراتهم المستمرة من تغيرات المناخ، وآثارها المحتملة في كوكبنا الأرضي.
وأكدت عالمة المناخ، روث موترام، بالمعهد الدنماركي للأرصاد الجوية، أن ما حدث بالفعل، أن الغطاء الجليدي أرسل 197 مليار طن من المياه إلى المحيط الأطلسي، بسبب ذوبان الجليد، وأن أكبر جزيرة جليدية في العالم، غرينلاند، تحولت بالفعل إلى مستنقع هائل، تغطيه برك المياه ومجاريها التي تحولت إلى أنهار مستعرة متدفقة، ويعتبر علماء المناخ يوم 31 يوليو الماضي، أكبر يوم لانهيار السطح الجليدي، الذي أدى إلى انهيار 60 في المئة من الغطاء الجليدي للجزيرة.
وقال المعهد الدنماركي، إن خسارة مليار طن من الجليد، تعادل محتوى 400 ألف حوض سباحة أوليمبي، فما بالك إن كان حجم الخسارة قد تجاوز 12 مليار طن في يوم واحد، يمكن أن تؤدي لرفع مستويات سطح البحر بحلول عام 2100، ما بين خمسة و23 سنتيمتراً، كما أن كل ارتفاع في مستويات سطح البحر، يوفر منصة لإطلاق أعتى العواصف التي تهدد بتدمير البنية الأساسية في مناطق عديدة من سواحل العالم، مؤكداً أن هذا العام، شهد أكبر ارتفاع في مستويات سطح البحر، بسبب كتلة من الهواء الساخن، جاءت من الشرق.
والواضح أن تأثيرات تغيرات المناخ على الحياة فوق كوكبنا الأرضي، تزداد خطورة، بسبب تنامي ظاهرة الاحتباس الحراري، التي ترفع درجة حرارة الكون، نتيجة تزايد استهلاك البشر للطاقة الحرارية، واعتمادهم المتزايد على الغاز والبترول والفحم، كمصادر للطاقة، وليس الطاقة المتجددة، التي تتمثل الآن في طاقة الشمس والرياح، وترفض إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، تحذيرات علماء المناخ، رغم عشرات المؤتمرات، وآلاف العلماء الذين أكدوا في عدد لا يُحصى ولا يُعد من الدراسات، أن تغيرات المناخ حقيقة علمية، وواقع نلمس أثره كل يوم.
لكن إدارة الرئيس الأمريكي ترامب، تعتبرها مجرد هواجس وتخيلات غير صحيحة، هدفها الحقيقي، إكراه الولايات المتحدة على الالتزام بحصص محدودة من الانبعاثات الكربونية، بما يؤثر في حجم نشاطها الصناعي والإنتاجي، رغم أن الانبعاثات الكربونية التي يصل حجمها إلى مليارات من الأطنان، تبقى مُعلقة في طبقات الجو العليا، تُشكل حاجزاً يحبس حرارة الأرض، ويرفع درجة حرارة الكون إلى حد يمكن أن يبيد الحياة، ليس فقط حياة البشر، ولكن كل المخلوقات، من النبات إلى الحيوان، ومع الأسف، فإن الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين والهند والاتحاد الأوروبي، هي الأكثر إسهاماً في تزايد الانبعاثات الكربونية، التي تظل أبد الآبدين معلقة في الفضاء.
تزيد ظاهرة الاحتباس الحراري خطورة، وبرغم أن حصص الدول النامية من الانبعاثات الكربونية، جد محدودة، لضعف استخداماتها للطاقة الحرارية، إلا أنها، رغم فقرها وقلة إمكاناتها، الأكثر تعرضاً لتأثيرات المناخ السلبية، وبرغم كثرة مؤتمرات المناخ وتعددها وانتشارها في العالم أجمع، فلا تزال معظم توصياتها وقراراتها حبراً على ورق، لأن الدول الصناعية الكبرى، وفي مقدمها الولايات المتحدة، ترفض الالتزام بحصص محددة من الانبعاثات الكربونية.