استطاع مؤسس دولة الاتحاد وباني نهضتها، المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، أن يرسخ قيم الود والتسامح والعطاء في نهج وسياسة دولة الإمارات، ما كان له الأثر الكبير لجعلها تتبوأ المراتب الأولى إقليمياً، وتنافس بقوة عالمياً في سيادة القانون والعدالة الاجتماعية، في تقرير مشروع العدالة العالمي.

كان ذلك إيماناً وتفهماً منه، كونه حاكماً وقائداً ملهماً، بقيم الحق والعدل، وبأن العدالة الاجتماعية تعد مبدأ أساسياً من مبادئ التعايش السلمي والتسامح بين الأمم، وهي أكثر من مجرد ضرورة أخلاقية، فهي أساس الاستقرار الوطني والازدهار العالمي لشعوب الأرض.

وبهذا النهج السليم، الذي سلكه المؤسس الباني، استطاعت دولة الإمارات تحقيق نسب عالمية غير مسبوقة في تحقيق مبادئ العدالة الاجتماعية والتسامح بين مواطنيها والمقيمين على أرضها، بمختلف جنسياتهم ومعتقداتهم.

وفي الوقت الذي يعيش فيه العالم من حولنا اضطرابات غير مسبوقة، تتزايد فيها مظاهر التطرف والعنصرية والكراهية، تنطلق من دولة الإمارات مبادرات إنسانية أخلاقية سامية، ترسخ وتعزز لمبادئ دولة القانون والعدالة الاجتماعية، وتهدف إلى ترسيخ قيم المحبة والتسامح والتعايش السلمي بين الشعوب.

وتأكيداً لهذا النهج الأخلاقي المعتدل، وتحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، انطلقت فعاليات الدورة الثانية من القمة العالمية للتسامح تحت شعار «التسامح في ظل الثقافات المتعددة: تحقيق المنافع الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية وصولاً إلى عالم متسامح»، التي نظمها المعهد الدولي للتسامح التابع لمؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، في قاعات مدينة جميرا بدبي، بمشاركة مسؤولين رفيعي المستوى من دولة الإمارات وخارجها، كما استضافت أيضاً دبي منذ أيام مضت اجتماعات الأمانة الفنية لمجلس وزراء الإعلام العرب عن دور الإعلام في مكافحة الإرهاب ونبذ الكراهية، ويعكس انعقاد هذه الفعاليات في الدولة تقدير جامعة الدول العربية لدور الإمارات بوصفها دولة راعية للتسامح.

‏كما أن «جائزة محمد بن راشد للتسامح» تؤسس لبناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح، وتدعم الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي.

إضافة إلى إنشاء «المعهد الدولي للتسامح»، الذي يعد أول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ لقيم التسامح بين الشعوب، ويقوم بنشر الدراسات والتقارير المتعلقة بموضوع التسامح، والعمل مع المؤسسات الثقافية المعنية في العالم العربي لنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة.

وفي عام 2017 تصدّرت دولة الإمارات قائمة الدول الأكثر «سلامة وأماناً» في المنطقة العربية والعالم، وحلّت ثانية بوصفها أكثر الدول سلامة وأماناً في العالم، بحسب تقرير أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي، لتمثل بذلك نموذجاً متفرداً واستثنائياً.

هذا في الوقت الذي يسأل فيه الكثيرون كيف لدولة لم يتخطَّ تاريخ إعلان قيامها 50 عاماً، وقريبة من مناطق الاضطراب وعدم الاستقرار الأمني والاجتماعي والسياسي في المناطق والبلدان المحيطة بها، أن تفوز بتلك المراكز العالمية، وتمضي باقتدار ونجاح باهر في تنفيذ خططها وبرامجها التي استحدثتها؟!

لقد استطاعت دولة الإمارات، بفضل من الله سبحانه وتعالى، أن تتصدر جميع الدول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في نتائج التقرير السنوي لمؤشر سيادة القانون، ضمن مشروع العدالة الدولية، وذلك لعامين متتاليين، ويرجع سبب تصدر الإمارات لهذه القائمة، لتفوقها في مؤشرات وعوامل التنافس، التي كان أبرزها عامل «النظام والأمن»، بما يندرج تحته من مؤشرات السيطرة على الجريمة، وعدم لجوء الناس للعنف لحل مشكلاتهم، محققة بذلك أعلى نسبة على بقية العوامل، يليها عامل غياب الفساد الحكومي، ثم نظام العدالة الجنائية، الذي من بين مؤشراته فاعلية نظام المنشآت الإصلاحية والعقابية في خفض السلوك الإجرامي، إلى غيرها من العوامل، كإنفاذ القانون وضوابط السلطة الحكومية والحكومة المنفتحة، والعدالة المدنية والحقوق الأساسية.

ولقد أوضح تقرير «المنظمة» أن دولة الإمارات تحقق نتائج ملموسة فيما يتعلق برؤيتها الحضارية للأداء الشرطي، حيث أكد جميع الذين تم استطلاع آرائهم في الدولة، من ممارسين للقانون وغيرهم، أن عناصر الشرطة الإماراتية يتصرفون وفقاً للقانون، ويحترمون الحقوق الأساسية للمشتبه بهم.

وها هي مؤخراً ومنذ أيام قليلة مضت تحتل «المركز الثالث عالمياً على مؤشر «الشعور بالأمن والأمان»، «بحسب مؤشر غالوب للقانون والنظام لعام 2019، الذي يصنف دول العالم من حيث مستويات الأمن والأمان السائدة فيها»، ومدى فعالية تطبيق القانون ومستويات انتشار الجرائم.

وقد جاءت الدولة ضمن صدارة دول العالم في تطبيق القانون وتحقيق الأمن والأمان لمواطنيها والمقيمين على أراضيها، حيث حصلت وفقاً للمؤشر على 93 نقطة، لتتفوق بذلك على الغالبية العظمى للدول المتطورة في العالم.

‏إن السمعة الطيبة التي حققتها الإمارات، عربياً وإقليمياً ودولياً، منحتها مكانتها كونها وجهة سياحية وتجارية واقتصادية واستثمارية فضلى، لما تتمتع به من سيادة القانون والعدل والأمن والأمان، وغيرها من المقوِّمات الفريدة، التي مما لا شك فيه كان يقف خلفها رجال وقادة أوفياء مخلصون في مجال الشرطة والقانون والعدالة الاجتماعية الإماراتية.