لعل واحداً من أهم ملامح خطة الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعادة بناء الدولة المصرية وتحديثها ،كي تصبح مصر دولة عصرية راسخة في أمنها واستقرارها وتقدمها.
تحسن استثمار مواردها الطبيعية والبشرية، خطته الطموح لإعادة إحياء البحيرات المصرية، من المنزلة إلى البرلس والبردويل وإدكو وقارون بعد أن طغى عليها الإهمال عقوداً طويلة، لا أحد يهتم بتنظيفها إلى أن سد البوص والهيش بواغيزها، أصبحت في الأغلب بحيرات راكدة آسنة ملوثة وغير صحية، تخنق أحياءها المائية، إلى أن قلَّ عائدها من الثروة السمكية، وانتشرت روائحها الكريهة.
كانت «المنزلة» واحدة من كبرى البحيرات المصرية، تغطي نسبة غير قليلة من احتياجات مصر السمكية، وكان عائدها من السردين كل فيضان يملأ أغلب البيوت المصرية خيراً معظم العام، وكانت البردويل مشهورة بأفخر أنواع الأسماك التي تنقلها الطائرات إلى الأسواق الأوروبية، لكن الإهمال وانعدام الرعاية قتلا الجميع ولم يعد باقياً من بحيرات مصر سوى مياهها الآسنة!.
والآن يجري العمل على قدم وساق لتطهير بحيرة المنزلة وتنظيف غاطسها وفتح بواغيزها مع البحر الأبيض كي تعود كما كانت عشرات الكراكات تعمل لإحياء البحيرة، وفي الطريق عشر كراكات أخرى جديدة لسرعة إنهاء المهمة والانتقال إلى بحيرة ثانية، ربما تكون بحيرة البردويل التي تنتج أفخر أنواع سمك الدنيس.
وقد طرح الرئيس السيسي سؤالاً مهماً، ما الذي سوف يحدث بعد تطهير البحيرات التي تكلف مليارات الجنيهات، فضلاً عن الوقت والجهد؟!
وهل يستطيع المصريون تصميم أنظمة متابعة وصيانة تصون البحيرة وتحفظ جودة بيئتها وترعاها بحيث تنمو ثروتها السمكية، أم أن "ريمة سوف تعود لعادتها القديمة" ليصبح الإهمال سيد الموقف وتعود البحيرة إلى حالها السابق، البوص والهيش يعشعش في مياهها، يسد بواغيزها.
ولأن الأمر يتعلق بضرورة إحداث تغيير جذري وشامل في سلوك المصريين وطرائق تفكيرهم وأنماط تعاملهم مع مكونات حياتهم يحسن ترجمة هذه الأهداف إلى خطط وبرامج عملية ومفصلة، تحكمها قواعد صارمة في الثواب والعقاب كي نحسن صيانة مقدرات حياتنا، بل لعلي أقول إن الأمر يتطلب أن نبدأ من سنوات الطفولة، تثبت وترسخ مهارات الإنسان وعاداته التي يؤديها على نحو تلقائي.
وما لم يتعلم الطفل المصري منذ نعومة أظفاره معنى الحفاظ على سلامة الأشياء وأهمية أن يصونها من الإهمال، ولماذا يتحتم عليه أن ينتبه ويبالي سوف تبقى الصيانة مشكلة صعبة أو منسية.
أين راحت مهاراتنا الحرفية؟: يكشف افتتاح المشروعات الجديدة الذي أصبح جزءاً من روتين حياتنا عن مباهج العمل الوطني وجدواه، لأن الجميع يرون ثمار الجهد الضخم الذي يبذله المصريون من أجل تحسين جودة حياتهم، لا يهم أن يكون المشروع ضخماً يمثل قلعة صناعية جديدة مثل قلاع صناعات الغازات والأسمدة والحديد والصلب والإلكترونات.
وصوب الزراعة الحديثة التي تغطي آلاف الأفدنة بزراعة كثيفة عالية الإنتاج والعائد، رأينا نماذج عديدة لها في الحمام والعاصمة الإدارية خلال زيارات سابقة، ومدناً صناعية وقفاً على أنشطة إنتاجية بعينها مثل مدينة الأثاث التي افتتحها الرئيس السيسي في دمياط أخيراً، وتنطوي على مئات الورش المتوسطة والصغيرة التي تم تجهيزها بالمرافق.
وتستخدم أرقى تكنولوجيات الصناعة لتحقيق الجودة والدقة والإتقان في صناعات الأثاث، وتضيف الكثير إلى الناتج الوطني العام، وتوفر المئات من فرص العمل، وتستخدم أرقى تكنولوجيات الصناعة في صناعة الأثاث والملابس الجاهزة والأحذية.. وفي إيطاليا على سبيل المثال تكاد تمثل عائد هذه الحرف والصناعات المتوسطة والصغيرة من أثاث وملابس جاهزة وأحذية عائد صناعة السيارات.
وما يميز هذه الصناعات قدرتها الفائقة على توليد فرص عمل لعائلات بكاملها تعمل في هذه الصناعات وتحقق مكاسب كبيرة، وبلغت شهرتها آفاقاً عالمية، لإنتاجها المتميز الذي حقق شهرة عالية تجاوزت مناطقها المحلية.
وما ينقص هذه الصناعات في مصر سوى المصممين المسؤولين عن الابتكار والجودة وتطوير إنتاجهم على نحو مستمر يضمن لهم كسب المنافسة في الأسواق، والمصممون مزيج من الخبرة والابتكار تنطوي مهاراتهم على قرون استشعار عالية تمكنهم من رؤية تحديات المستقبل، والإجابة عن أسئلتها الصعبة وتصميم نماذج جديدة تستجيب لهذه المطالب والتحديات.
* كاتب صحفي