وجّه المحللون العسكريون الإسرائيليون اللوم قاسياً للقادة الإسرائيليين الذين اهتموا بإيران وحزب الله أكثر مما يجب، وتركوا مصر حتى أصبحت قوة ضخمة تنمو بسرعة الصاروخ حتى تعاظمت قدراتها العسكرية وأصبحت تشكل تهديداً مباشراً للدولة الإسرائيلية لا يمكن الاستهانة به، وقال المحللون الإسرائيليون في سلسلة من المقالات نُشرت أخيراً عن تنامي القدرة العسكرية المصرية، مع الأسف لا يزال الكثير من قادة إسرائيل يرون في المصريين أصدقاء وجيراناً وشركاء سلام، بينما يتخذون من المدرعة الإسرائيلية (ميركافا) هدفاً لهم في مناوراتهم العسكرية (قادر 2020) التي لا يمكن أن نقول عنها سوى إنها استعراض قوة على المنطقة بأكملها، وسوف يذكر التاريخ الإسرائيلي بالسوء كل مسؤول إسرائيلي وافق على خرق اتفاقات كامب ديفيد حتى أصبحت المطارات العسكرية للمصريين في سيناء على بعد أمتار من حدودنا وصواريخهم ومنظوماتهم الدفاعية تكشف إسرائيل بالكامل بدعوى محاربة الإرهاب!

وقال المحللون الإسرائيليون في هبة نقد مفاجئ إن الاستعراضات والمناورات التي تقوم بها الدولة المصرية تدعو إلى القلق البالغ على مستقبل الدولة الإسرائيلية، ويجب إيقاف صفقات طائرات السوخوي 35 الروسية لمصر ومنظومات إس 400 - بأي ثمن، وعلى فرنسا وألمانيا التوقف عن تسليح الجيش المصري بأحدث الأسلحة وإعطائه الأفضلية بالمنطقة وعلى الرئيس الأمريكي ترامب إعادة النظر في موقف الولايات المتحدة من الجيش المصري بعد ما حدث فيه من تنويع كبير لمصادر السلاح، ويجب أن يحاسب القادة الإسرائيليون الذين دفعوا بهذا الاتجاه بعد أن ظهرت قدرة مصر العسكرية أخيراً من خلال تنفيذ أضخم المناورات الحربية التي كانت وقفاً على الجيوش الكبرى في العالم، وبالنظر إلى التسليح الحالي للجيش المصري نجد السلاح الروسي والفرنسي والصيني الذي صنع للمصريين تفوقاً هائلاً، وقد أصبح جزءاً من الأمر الواقع، وعلى الأمريكيين أن يفعلوا كل ما في استطاعتهم حتى تعود مصر إلى الاعتماد على السوق الأمريكية للسلاح.

وإذا كانت تلك هي رؤية الإسرائيليين لما حدث للقوات المسلحة المصرية فإن رؤية القادة الأتراك لا تختلف كثيراً وهم يتابعون قوة مصر العسكرية والاستعراضات الضخمة التي تقوم بها قواتها أخيراً، وإذا كان هناك من القادة الأتراك من يدعو إلى التحرش العسكري مع مصر فإن على هؤلاء القادة والبرلمانيين الأتراك إرسال أبنائهم أولاً للحرب ضد مصر، لكن ما من شك أن التفاوض مع المصريين والتنسيق معهم هو الخيار الأفضل لتركيا.. وهذا ما يقوله المحللون الأتراك، ويعتقد الإسرائيليون أن المحللين الروس سعداء بما وصل إليه حلفاؤهم المصريون من قوة قادرة على إعادة التوازن بالشرق الأوسط، وهم ملتزمون بتسليم جميع صفقات السلاح للمصريين في مواعيدها، وهناك أشياء وحقائق كثيرة لا تزال طي الكتمان لم يتحدث عنها الروس استجابة لرغبة شركائهم المصريين، أما المحللون في دولة الإمارات فيتابعون بشغف بالغ المناورات المصرية والاستعراضات القوية للجيش المصري التي تجعلهم فخورين بإخوانهم المصريين وما وصلوا إليه من قوة شهد العالم حقائقها المؤكدة ماثلة للعيان.

لا تخطط مصر لأي عدوان على أي دولة بمن في ذلك إسرائيل، ولعل واحداً من الأسباب الأساسية لاهتمامها بقضايا الدفاع عن أمنها هو الحفاظ على سلامها ورغبتها في التعايش وحسن الجوار مع محيطها الإقليمي والدولي، وبراءة سياستها واستراتيجيتها من نزعات التسلط والهيمنة، والفارق ضخم وكبير بين شخصية مصر والشخصية التركية وبين شخصية أردوغان وبين شخصية السيسي الذي لا يخطط لأي عدوان على الآخرين، كل ما يخطط له السيسي هو حسن الجوار والعلاقات الجديدة مع الأشقاء والأصدقاء والحرص على مصالح أفريقيا ودول الجوار، لا تتسلط عليه نزعة الهيمنة التي جعلت أردوغان يغيّر نظام حكمه البرلماني، ويغيّر طبيعة الحكم في تركيا ليجعل تركيا رهينة لحكم ديكتاتوري تسبب في إفشال الدولة التركية، وبينما تزدهر مصالح مصر على المستوى العربي ودول الجوار وعلى مستوى إقليمي ودولي، نجد مصالح تركيا تحت وطأة حكم الرجل الواحد والرأي الواحد قد أوردها موارد التهلكة، ولم تحصد في النهاية سوى الفشل، وتقول كل المعطيات إن هذا العام ربما يكون هو العام الأخير في حكمه بعد أن تأكد ضرورة إحداث تغيير شامل في أوضاع تركيا، بعد أن تفككت الدولة وتفكك الحزب، وأصبح مطلب التغيير أول أولويات تركيا.