يقول الكاتب «طوم روغان»، الباحث في شؤون السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي، إن الرئيس التركي أردوغان، رجل متغطرس، ويفتقر للاستقرار العقلي.
ويرى «روغان» أنه يحق لأردوغان أن يكون خائفاً.
فهو ليس زعيماً مميزاً على غرار مصطفى كمال أتاتورك.
يتفق الباحثون المتخصصون عموماً أن أردوغان ليس ديكتاتوراً شعبوياً عادياً.
فهو لا يفوز في الانتخابات إلا بالشتائم والتهم التي يلقيها في وجه خصومه، في الداخل والخارج، محاولاً تقليد أتاتورك، لكنه يفشل أن يكون مثله أيقونة في عيون وقلوب الشعب التركي، حتى مع محاولاته الإيعاز لأتباعه بتكريس أغانٍ كثيرة، عبر وسائل الإعلام، تُظهره بطلاً قومياً، وكذلك تزين منازلهم بصورته، وتبقى ورقته الأخيرة، في إظهار دفاعه عن الحدود والهوية التركية، باحتلال سوريا، محاولة مستميتة تهدف للتشويش على الشعب وإلهائه عن التدهور الاقتصادي والفوضى السياسية العارمة، التي وضع أردوغان تركيا بها.
نحن نذكر طبعاً، الثمن الذي دفعته تركيا لإسقاطها مقاتلة روسية قرب الحدود السورية في نوفمبر 2015، والذي أدى إلى تدهور العلاقات بين روسيا وتركيا، حيث أدار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عينيه نحو الرئيس التركي، وقرر اتخاذ اجراءات عقابية اقتصادية ضد تركيا.
والتي أوقعت أضراراً بالغة الأثر في التجارة الزراعية التركية وعلى المشاريع المهمة بينهما مثل المحطة النووية في «ابكويو» ومشروع أنبوب الغاز «توركش ستريم».
ولم ينقذ أردوغان وقتها، سوى رسالة اعتذار وجهها إلى بوتين متباكياً يطلب الصفح والمغفرة.
اليوم، وعلى وقع الحرب الشرسة التي يشنها أردوغان لشد إدلب إلى «الهيكل العثماني»، ظنّ الرئيس التركي أنه قد لا يحتاج إلى رسالة اعتذار جديدة للإمبراطور الروسي، حيث تدخل الأمريكان، بصورة مريبة، لدعم تركيا، فوجه وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، في 3 فبراير الجاري، بياناً علّق فيه على مقتل جنود أتراك في إدلب وقال فيه: «نقف بجانب تركيا، حليفتنا في (الناتو)، في أعقاب الهجوم الذي أسفر عن مقتل عدد من الجنود الأتراك يخدمون في موقع مراقبة تُستخدم للتنسيق وخفض التصعيد».
بعد ذلك بقليل، وتحديداً في 13 فبرايرالجاري، أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية، وحسب قانون (كاتسا)، فرض عقوبات على ثلاث شركات روسية تعمل في مجال الصناعات الدفاعية، وهي (كوميرتاو الإنتاجية للطيران)، و( المجموعة العلمية الإنتاجية الهندسية) المتخصصة في الصناعات الفضائية والصاروخية، ومكتب (شيبونوف لتصميم المعدات الهندسية) التابع لشركة (روستيخ) الحكومية المشرفة على التكنولوجيا العسكرية في روسيا.
في اليوم ذاته أيضاً، 13 فبراير، قال المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، جيمس جيفري: «ننظر تقديم الدعم لتركيا في إدلب في إطار حلف الناتو، والأولوية هنا تعود لتزويد العسـكريين الأتراك بمعلومات استخباراتية ومعدات عسـكرية»، ويذكر جيفري أن أمريكا، لا تفكر حتى الآن، بإرسال جنود أمريكيين إلى إدلب لدعم الجيش التركي».
يعلم أردوغان، أن خط الدعم الأمريكي المريب، بالمعلومات الإستخبارية، سوف يأتي عبر إسرائيل، وهم لا يمانعون بذلك، لتسييس مباركته لاحقاً لـ (صفقة القرن)، التي قضت بأن القدس كاملة عاصمة لإسرائيل، ويبقى التبجح التركي مجرد «بروباغندا» عاطفية لا محل لها من «الإعراب السياسي والعسكري»، وأقصى ما لدى الأتراك، هو ذلك الفيديو المصور الذي يظهر فيه مئات من المعتمرين الأتراك (عملاء استخبارات) وهم يرددون هتافات: بالروح بالدم نفديك يا أقصى، خلال سعيهم بين الصفا والمروة، في مكة المكرمة.
لعبة شد إدلب، وسواء اتفق الأتراك والروس أم لم يتفقوا، وسواء طالت الأزمة بدعم الأمريكان وإسرائيل والجماعات الإرهابية لأردوغان أم قصرت، فإن إدلب المدينة السورية العريقة، ستظل عبر التاريخ، عربية رغم أنف المتآمرين.