أشرنا في المقال السابق إلى تعريف عقد المقاولة باعتباره عقداً يتعهد أحد طرفيه بمقتضاه أن يصنع شيئاً أو يؤدي عملاً لقاء بدل يتعهد به الطرف الآخر.

ثم دلفنا إلى تفصيل التزامات المقاول ومسؤولية كل من المقاول والمهندس المصمم عما يحدث من تهدم كلي أو جزئي للمباني أو المنشآت، وعن كل عيب يهدد متانة البناء وسلامته.

ونكمل اليوم ما بدأناه بتوضيح التزامات صاحب العمل والمقاولة من الباطن، ونختم مقالنا بتبيان كيفية انقضاء عقد المقاولة وما يترتب على هذا الإلغاء.

كما رتب القانون التزامات على المقاول، فإنه بالمقابل رتب التزامات على صاحب العمل.

أول تلك الالتزامات يتمثل في التزام صاحب العمل بتسليم ما تم من العمل متى ما أنجزه المقاول ووضعه تحت تصرفه، فإذا امتنع صاحب العمل عن الاستلام بغير سبب مشروع رغم دعوته بإنذار رسمي، وترتب على ذلك تلف أو عيب بمحل الاتفاق، فلا ضمان على المقاول طالما ثبت عدم تقصيره.

وثاني الالتزامات يتمثل في التزام صاحب العمل بدفع البدل عند تسليم المعقود عليه إلا إن وجد نص في العقد أو جرى العرف بخلاف ذلك.

وقد أبان القانون أنه وفي حال ما إذا أبرم العقد بمقتضى مقايسة على أساس الوحدة، وتبين في أثناء العمل أن من الضروري لتنفيذ التصميم المتفق عليه مجاوزة المقايسة مجاوزة محسوسة، وجب على المقاول أن يخطر في الحال صاحب العمل بذلك، مبيناً مقدار ما يتوقعه من زيادة في الثمن، فإن لم يفعل، سقط حقه في استرداد ما جاوز به قيمة المقايسة من نفقات.

فإذا كانت المجاوزة التي يقتضيها تنفيذ التصميم جسيمة جاز لرب العمل أن يتحلل من العقد ويقف التنفيذ، على أن يكون ذلك دون إبطاء مع إعطاء المقاول قيمة ما أنجزه من الأعمال، مقدرة وفقاً لشروط العقد.

وإذا ما أبرم العقد على أساس تصميم متفق عليه لقاء أجر إجمالي، فليس للمقاول أن يطالب بأية زيادة في الأجر يقتضيها تنفيذ هذا التصميم، إلا أنه في حال حدوث تعديل أو إضافة في التصميم برضا صاحب العمل، فيراعي الاتفاق الجاري مع المقاول هذا التعديل أو الإضافة.

وقد جوز القانون إيكال تنفيذ كل العمل أو بعضه إلى مقاول آخر إن لم يمنع العقد ذلك أو لم تكن طبيعة العمل تقتضي أن يقوم به المقاول بنفسه، ورغم ذلك تبقى مسؤولية المقاول الأول قائمة تجاه صاحب العمل، ولا يجوز للمقاول الثاني أن يطالب صاحب العمل بشيء مما يستحقه المقاول الأول إلا إذا أحاله الأخير على صاحب العمل.

أخيراً فإننا نبين أن القانون قد نص على أن عقد المقاولة ينقضي بإنجاز العمل المتفق عليه أو بفسخ العقد برضا الطرفين أو بحكم المحكمة، فإذا حدث عذر يحول دون تنفيذ العقد أو إتمامه جاز لأي من طرفيه أن يطلب من المحكمة فسخه أو إنهاءه، وللمُتضرر من الفسخ مطالبة الطرف الآخر بتعويضه في الحدود التي يقرها العرف، وإذا ما بدأ المقاول في التنفيذ ثم عجز عن الإتمام لسبب قاهر لا يد له فيه فإنه يستحق قيمة ما تم من الأعمال وما أنفق في سبيل التنفيذ بقدر ما يعود على صاحب العمل من نفع.