يشكل سد النهضة الإثيوبي تحدياً كبيراً أمام الدولة المصرية خاصة بعد الغياب الإثيوبي المفاجئ عن اجتماعات 28 فبراير الماضي، والتي كانت مخصصة للتوقيع على الاتفاق الذي وضعه البنك الدولي بالتعاون مع الولايات المتحدة، فما هي الخيارات المصرية للتعامل مع هذه الأزمة ؟ وهل حسمت إثيوبيا موقفها بالبدء في تشغيل المرحلة الأولى من السد في يونيو المقبل؟

طوال السنوات الماضية من التفاوض كانت مصر تقدم سياسة «الحوافز» على التلويح «بالضغوط»، لكن المفردات العسكرية التي يستخدمها المسؤولون الإثيوبيون، وإعلان الخارجية الإثيوبية بداية تشغيل المرحلة الأولى من السد في يوليو المقبل، دفع القاهرة للانتقال إلى سياسة الضغوط، فالولايات المتحدة والبنك الدولي أكدا أن مصر قدمت مرونة كبيرة في المفاوضات، وأن الدولة المصرية تعاملت بمسؤولية وبمهنية عالية، وقدمت حزمة من المصالح الحقيقية تجعل من نهر النيل عنواناً للتعاون وليس مدخلاً للخلافات، ومن هذه الأفكار الاقتراح المصري بالمساعدة في تسويق الكهرباء التي سينتجها سد النهضة، كما عرضت القاهرة دعم وصول الصادرات الإثيوبية للأسواق العالمية نظراً لأن إثيوبيا دولة حبيسة وليس بها موانئ.

مسارات للحل

لا شك أن إيمان مصر بالحلول السياسية والسلمية قائم على قناعة كاملة، فالمعروف عن الدبلوماسية المصرية أنها لا تستسلم، فلا يزال في جعبة القاهرة الكثير من الأوراق، منها على سبيل المثال، أن الدول والشركات التي تعمل في السد لا يمكن أن تواصل عملها في ظل هذا الخلاف، وتوقيع مصر بالأحرف الأولى على وثيقة البنك الدولي جعلها تملك «ورقة سياسية» قوية للغاية.

وتشترط قوانين المنظمة العالمية للأنهار العابرة للحدود التوافق بين الدول المشاركة في الأنهار عند قيام أي دولة بإنشاء السدود، كما إن البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يرفضان تمويل أي سد عليه خلاف، كذلك يمكن لمصر الذهاب للجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وحتى محكمة العدل الدولية لمنع إثيوبيا من اتخاذ خطوات أحادية، وتسمح المادة الخامسة من اتفاق المبادئ التي وقعته القاهرة والخرطوم وأديس ابابا في 22 مارس 2015 لمصر بإدخال أطراف ووسطاء جدد مثل روسيا والصين، بالإضافة إلى أن العالم بات يدرك هشاشة الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي وشرق أفريقيا.