قبل أيام، ومع أعياد تحرير سيناء الغالية، كانت احتفالات مصر هذا العام تأكيداً على حجم الإنجاز الذي تحقق في سنوات قليلة، جمعت فيها مصر بين حربها على الإرهاب ومعركتها المصيرية من أجل البناء والتقدم ونشر العمران وتحقيق النهضة.

كان حجم الإنجاز الذي أعلن عنه هائلاً، أكثر من 600 مليار جنيه «نحو 40 مليار دولار» أنفقت في مشروعات أساسية لتعمير سيناء، مدن جديدة ومرافق حديثة محطات مياه لري نصف مليون فدان للزراعة.. والأهم أنفاق الخير التي تربط سيناء الغالية بقلب الوادي وخطوط السكك الحديدية التي تعبر قناة السويس قبل نهاية العام.

كانت الرسائل واضحة.. حربنا ضد الإرهاب لن تعطل مسيرة التنمية والعمران، كل أوهام العبث بمستقبل سيناء أو زعزعة أمنها لا يمكن أن تصمد أمام إرادة شعب مصر وجيشها، كل حبة رمل في سيناء توضأت – على مر التاريخ – بأغلى دماء الشهداء لتظل في حضن الوطن إلى أبد الآبدين.

قبل أيام من موعد آخر مع سيناء الغالية في ذكرى حرب العاشر من رمضان «أكتوبر 1973» والعبور العظيم، كان الإرهاب المنحط يرتكب إحدى جرائمه البشعة وكان عشرة من أغلى أبناء مصر وحراس ترابها يستشهدون في نهار رمضان في منطقة «بئر العبد» بشمال سيناء، على يد أحط عصابات الإرهاب الذي يحاول جاهداً أن يؤجل نهايته المحتومة بالإعلان عن حضور جبان وخسيس لن يكون له من أثر إلا وحدة كل المصريين وراء جيشهم حتى تتطهر الأرض من رجس الإرهاب، كما تطهرت قبل ذلك من دنس الاحتلال مع العبور العظيم في أكتوبر – رمضان.

بالتأكيد ستمضي مصر في معركتها حتى اجتثاث جذور الإرهاب من أرضها، وستأخذ مصر بثأر الشهداء من القتلة المأجورين، والذين لم يعد هناك شك في أنهم مجرد أدوات في مخططات لم تتوقف عن استهداف مصر ومحاولة استنزاف قواها وحصار دورها والإضرار بمصالحها وبمصالح الأمة العربية كلها.

من يتابع حجم حملات إعلام التحريض على مصر في الشهور الماضية يدرك أن محاولة الإرهاب للتحرك في سيناء ليست بعيدة عن الكثير مما يجري ويمس أمن مصر القومي بصورة مباشرة. ليست مصادفة أن يحاول الإرهاب أن يتحرك في سيناء العزيزة في نفس الوقت الذي تحشد فيه تركيا قوتها لدعم عصابات الإرهاب الإخواني – الداعشي في ليبيا.

وليست مصادفة أن تتم الجريمة الغادرة الخسيسة في «بئر العبد» على أرض سيناء في نفس اليوم الذي يصدر فيه مجلس الجامعة العربية قراره الذي اعتبر فيه إقدام إسرائيل على ضم الضفة الغربية جريمة حرب، والذي تعلن فيه مصر تمسكها بالقرارات الدولية وإدانتها لأي إجراءات من شأنها أن تضع العقبات أمام إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس العربية.

وليست مصادفة أن يترافق ذلك مع سعي تركيا للتنسيق مع إسرائيل والمحاولة المكشوفة تحت ستار إرسال مساعدات من الأجهزة الطبية من تركيا التي يفتك كورونا بشعبها إلى إسرائيل!! والأخطر.. أن يتم كل ذلك مع محاولات لجر مصر لمعارك صغيرة مع أطراف لا وزن لها ولا قيمة، بينما مصر تخوض بالفعل معركة حياة من أجل حقوقها المشروعة في مياه النيل بعد المراوغات الإثيوبية، ومع حديث عن بدء ملء سد النهضة هذا الصيف ومع موقف مصري حاسم بأن ذلك لن يكون قبل الاتفاق بين الدول الثلاث مصر والسودان إثيوبيا.

لا تنشغل مصر بالمعارك الصغيرة، وتتحرك بثقة ووعي لمواجهة التحديات، لا تقف طويلاً أمام محاولات التحريض عليها من عصابات الإخوان والدول الداعمة لها، ولا لمحاولات إعلام الصغار تشويه مسيرتها، لكنها لا تتسامح على الإطلاق أمام المس بأمنها القومي أو العبث باستقرارها.

الثأر للشهداء سيتم وتطهير سيناء الغالية من آخر فلول الإرهاب يمضي في طريقه، ومسيرة التعمير ستتواصل، وجيش مصر قادر تماماً على حماية كل شبر من أرض الفيروز بدماء الشهداء.

وحدود مصر الغربية لن تستباح كما حدث أيام الإخوان، ومن هنا فإن ليبيا قضية أمن قومي لن تساوم فيها مصر على حق شعب ليبيا الشقيق في تقرير مصيره وتحرير أرضه من عصابات الإرهاب ومن عساكر أردوغان وميليشياته.

وكل محاولات تشتيت الجهد الوطني لن تنجح، مصر كلها – شعباً وجيشاً – تقف صفاً واحداً ضد الإرهاب الإخواني -الداعشي.

الإرهاب دائماً منحط وغبي، كل جريمة يرتكبها تزيد مصر إصراراً على أن تكون شعباً وجيشاً صفاً واحداً يجتث الإرهاب ويحفظ أمن الوطن، نعرف أن استهداف مصر لن يتوقف، لكننا نعرف أكثر أن مصر ستظل أبداً هي «المحروسة» برعاية الله، ووحدة شعبها وبدماء أغلى الشهداء.