في روايته (الجحيم) يقدّم الروائي الأمريكي الشهير دان براون فكرة جنونية أبطالها مجموعة من العلماء المؤمنين بضرورة إنقاذ البشرية عبر التضحية بأكبر عدد من البشر، مقابل نجاة عدد قليل منهم، وذلك للحفاظ على ثروات الكرة الأرضية وحمايتها من الدمار الأكيد القادم بسبب تفاقم الأعداد السكانية، وهذا يشبه عملية اصطفاء للنخبة المسموح لها بالبقاء على قيد الحياة، لكي يستمر الجنس البشري بأفضل صورة.
ورغم أنّ هذه الفكرة خيالية وتبدو للوهلة الأولى جنونية، إلا أنّ كثيراً من الأشخاص المؤمنين بنظرية المؤامرة، عَزَوا الانتشار المفزع لفيروس كورونا، لخطةٍ منظّمةٍ للقضاء على ما لا يقل عن 6 مليارات إنسان، من أجل الحفاظ على موارد الكرة الأرضية المهددة بالدمار على أيدي البشر!
وليس بعيداً عن هذه النظرية، يرى آخرون أنّ فيروس كورونا صُمِّم مخبرياً ليستهدف الضعفاء من البشر، مثل كبار السن والمرضى والمصابين بالإعاقات الجسدية، لأنهم أصبحوا عالة على مجتمعاتهم وحكوماتهم، وهم يستنزفون الموارد من دون أن يقدّموا شيئاً بالمقابل، ومن الأفضل التخلص منهم لتأمين مستقبل آمن للأطفال الذين كان الفيروس بعيداً عنهم إلى درجة كبيرة.
ومن النظريات التي طرحت أيضاً، أنّ لنشر الفيروس أهدافاً اقتصادية، حيث صمّمته الصين من أجل شراء الشركات التقنية الكبرى بأسعار زهيدة، ويدعم هذه النظرية حين تخلّى المستثمرون الأجانب عن شركاتهم مقابل أسعار زهيدة جداً، ليهربوا بعدها خارج الصين التي كانت مهددة بكارثة صحية مرعبة، ليتضح في ما بعد أنها أصبحت الدولة الأكثر نجاحاً في السيطرة على الفيروس، تاركة الصدارة للولايات المتحدة في عدد الإصابات ونسب الوفيات، ففي حين سجلت الصين أقلّ من 83 ألف إصابة، وأقل من 5 آلاف وفاة بالفيروس حتى اليوم، تجاوز عدد الإصابات في الولايات المتحدة مليوناً و213 ألف إصابة، وسبعين ألف وفاة!
واتهم البعض جمعية (النورانيين) السرّية - وهي أحد أشهر التنظيمات الماسونية التي يقال إنها تحكم العالم من خلال «حكومة سرية» - بأنها وراء نشر فيروس كورونا مثلما كانت وراء الكثير من الأحداث العالمية الدامية، مثل الحربين العالميتين وأحداث 11 سبتمبر، وحرب فيتنام، ونشر فيروس الإيدز، وغير ذلك من أحداث كارثية، بهدف إنشاء «النظام العالمي الجديد» والسيطرة على جميع البشر على الكوكب، ولا سيما أنّ هذه الجمعية تضمّ قادة بارزين وسياسيين وزعماء ورؤساء وأمراء من مختلف دول العالم، ومن بينهم وزير الخارجية الأمريكي الأسبق «هنري كيسنجر» ومؤسس مايكروسوفت «بيل جيتس» الذي لم يسلم من الاتهامات بنشر الفيروس، بسبب تصريحاته أواخر العام الماضي عن صفقة لقاحات عالمية، حيث طالته اتهامات بالسعي لاستغلال لقاحاته في زرع شرائح إلكترونية عالية التقنية لتتبع النشطاء والإعلاميين والسياسيين البارزين.
ولم تكن الولايات المتحدة أيضاً بعيدة عن قفص الاتهام، حيث أثيرت شائعات حول قيامها بحرب بيولوجية ضدّ الصين بالدرجة الأولى، لتثبيط ومنع سيطرتها الاقتصادية على العالم، ولكنها دفعت الثمن غالياً عندما انقلب السحر على الساحر، وأصبحت الدولةَ الأكثر فشلاً في مواجهة الفيروس.
أمّا المتديّنون من مختلف المذاهب فيؤمنون بأن هذا الفيروس هو ابتلاء من الله، لأنّ البشر طغوا وتجبّروا، وجاء الوقت لمحاسبتهم.
نظريات أخرى طُرِحت، بعضها أقرب ما يكون للخيال العلمي، وأخرى تلامس جزءاً من الحقيقة، وغيرها تُظهِر كورونا كنتيجة لمؤامرة كونية اجتمعت فيها الكواكب والمجرات للقضاء على الحياة على الكوكب الأزرق!
وسواء كان كورونا صنيعة الإنسان ونتيجة مؤامرة ما، أو كان فيروساً طبيعياً انتقل بالفعل من الخفافيش إلى الإنسان، فإنّ الحقيقة الثابتة التي لا تقبل الشكّ، هي أنّ هذا الفيروس موجود بالفعل ويجب التعامل معه أنه أمر واقع، وأنّ ظهوره نقطة محورية في تحوّل شكل العالم، ولذلك علينا أن نغيّر من سلوكاتنا ونهجنا في الحياة، وأن نستفيد من هذه التجربة الصعبة ونعدها درساً للمستقبل.