إن صياغة القرارات تتطلب دراسة مكثفة وتحليلات عميقة لإصدار قرار صائب، ومن أبرز الموضوعات التي يجب أن نتطرق لها عند صياغة القرارات هو إعادة النظر للموضوع المطروح ومعرفة أساسه والآراء المختلفة فيه. 

ومن وجهة نظر طالب علاقات دولية، أرى أن التطوّر عادة ما يرتبط بالتغيير بعلاقة ترادفية بحتة، ومن هنا أطرح المثال البارز في وقتنا الحالي. 

الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الذي لطالما دار الحديث عنه بأشكال مختلفة منذ أن بدأ في عام 1920، والذي سطع نور أمل بحله يبرز قبل عدة أيام بعد معاهدة السلام، والتي تنص على وقف ضم الأراضي الفلسطينية، والتي أشاد بها المجتمع الدولي بالدبلوماسية المباشرة الهادئة التي تعتبر من صفات دولة الإمارات العربية المتحدة. 

ودعونا نأخذ الجانب التحليلي من هذه المعاهدة، لقد بدأ الصراع في عام 1920 أي قبل 100 عام تحديداً. وخلال كل هذه الفترة برزت الكثير من الأحداث في الشأن العربي والمختصة بالقضية الفلسطينية بشكل أدق. في عام 1978 وقع الرئيس المصري الراحل أنور السادات اتفاقية كامب ديفيد المبنية على إبرام معاهدة سلام بين جمهورية مصر العربية وإسرائيل، حيث لا زالت المعاهدة قائمة حتى اليوم بالرغم من اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات بعد الاتفاقية بـ 3 أعوام من منظمات إرهابية بسبب اعتراضهم على الاتفاقية. 

ومن جهة أخرى، لم يسلم الطرف الإسرائيلي من العدوانية على السلام، فالمنظمات الإرهابية تحرص على التعصب في أغلب الديانات بسبب جهل المتدينين، وبعض الممارسات التي تقوم بها الجماعات لقمع حقوق البشرية ولغايات شخصية. ففي عام 1993 وقع رئيس الدولة الفلسطينية الأول ياسر عرفات، ورئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق رابين على اتفاقية أوسلو المبنية على إرساء السلام والاستقرار بين البلدين ووقف العنف والإرهاب. لكن لم يمضِ عامان على الاتفاق حتى قام أحد المتطرفين اليهود باغتيال رئيس وزراء إسرائيل إسحاق رابين خلال مهرجان خطابي مؤيد للسلام في مدينة تل أبيب. 

ولا يسعني في مقال واحد أن أتطرق للمحاولات التي قامت بها الدول العربية والخليجية لإرساء السلام مثل معاهدة وادي عربة الأردنية - الإسرائيلية، واستقبال السلطان قابوس، طيب الله ثراه، لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في عام 2018 لدعم عملية سلام ممكنة في الشرق الأوسط. 

أطرح لكم هذا المثال لأبرهن لكم، قرائي الأعزاء، أن إعادة النظر للمواضيع جداً مهمة، بحيث إن الكثير من الحكومات تقوم بذلك ليس على صعيد القضية الفلسطينية فقط إنما على أغلب القضايا التي يتم طرحها. فمن اللامنطقية أن نبقى على استراتيجية وموقف معيّن لمدة تتعدى عشرات السنين، لأن الأشخاص يتغيرون ومواقف الدول تتغيّر، فمن كان يظن أن دولة عربية تقوم بغزو أخرى، كما حدث بين العراق والكويت؟ ومن كان يظن أن هناك دولة خليجية كقطر ستنشق عن الأخوة الخليجية وتدعم الإرهاب؟ فلذلك يجب على الاستراتيجيات أن تتغيّر. 

ختاماً، الكلمات لا توفي حق حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة بإنجازها على إرساء السلام ووقف العنف بين إسرائيل وفلسطين، وهذا غير جديد على حكومتنا الرشيدة التي تبهرنا في كل موقف إنساني تقوم به لصالح البشرية، سواء على مستوى محلي أو إقليمي أو عالمي.