قدمت الإمارات العربية المتحدة خلال الخمسين عاماً الماضية نموذجاً متفرداً للتقدم والريادة العالمية، وهي تجربة عالمية ملهمة في بناء الدولة الوطنية وتكريس أسس تقدمها ونهضتها وتنميتها.

ولعل من أبرز معالم وصور هذه التجربة ما حظيت به المرأة الإماراتية من مكانة استثنائية متميزة بمختلف مناحي وميادين الدولة، وما قدمته الإمارات لهن من فرص ومبادرات رائدة أسهمت في تقدم ونهضة المرأة الإماراتية وعزز من إسهامها في بناء الدولة الحديثة العصرية والمتقدمة، وهي مسيرة تعززت بالعديد من المؤسسات الرائدة في دعم مسيرة المرأة الإماراتية.

وحققت المرأة الإماراتية إنجازات سابقت بها العالم، من خلال المبادرات النوعية التي كرستها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية بتخصيصها يوماً للاحتفاء بالمرأة الإماراتية وتكريس أسس دعم وتعزيز مشاركتها لمسيرة الوطن على مختلف الأصعدة، والذي يصادف 28 من أغسطس من كل عام بدءاً من عام 2015، حيث تنوعت مبادرات الدولة في هذا المجال من التكريم والتقدير لدورها في بناء الدولة ولا سيما بصفوف القوات المسلحة «2015»، ثم تعزيز دورها بمنظومة العلم والمعرفة والابتكار «2016»، ثم بتعزيز مشاركتها في مجالات الخير والعطاء «2017»، تلاها التركيز على متابعة المرأة لنهج الشيخ زايد «2018»، وانتهت في العام الماضي بتعزيز دور المرأة في التسامح الذي كرست الإمارات دورها وإسهامها العالمي فيه «2019». وهي المبادرات التي أسست لبناء قاعدة متماسكة ومتكاملة لنهضة المرأة الإماراتية، وتعزيز دورها المحوري والريادي في مستقبل الإمارات وتقدمها، ومهدت لمسيرتها خلال العام القادم الذي تكتمل فيه الاستراتيجية الوطنية للتمكين وريادة المرأة 2015 - 2021، بشعار «التخطيط للخمسين: المرأة سند للوطن». وهو الشعار الذي يتواءم مع الاستراتيجية الوطنية لجعل عام 2020 عاماً للتحضير لليوبيل الذهبي للبلاد العام المقبل ووضع الأسس لنصف القرن المقبل.

وإذا كان من المهم أن نسبر أعماق وآفاق مبادرة سمو الشيخة فاطمة باختيارها هذا الشعار الملهم للاحتفاء بيوم المرأة لعام 2020، فإنه من الجدير بالذكر استعراض المسيرة المتميزة للمرأة الإماراتية في ضوء الأولوية التي تكرسها الدولة لها منذ تأسيس الدولة في إطار مبادرات التمكين والتعزيز والتي تعاضدت خلال السنوات الأخيرة، حيث بلغت نجاحات وإنجازات المرأة الإماراتية أعلى المستويات وتنوعت بجميع المجالات، فقد حققت الإمارات المرتبة الأولى عالمياً في مؤشر احترام المرأة وحفظ كرامتها لعام 2015، وهي الأولى عربياً في تمكين المرأة قيادياً وبرلمانياً، ولا سيما أن مشاركة المرأة الإماراتية في المجالس النيابية والاستشارية هي الأعلى عالمياً بنسبة تبلغ 50% وتبوأت المرأة منصب الرئاسة كأولة دولة عربية وإقليمية بالمنطقة. كما بلغت نسبة تمثيل المرأة في الحكومة نحو 30% وهي واحدة من أعلى النسب العالمية، إضافة إلى شمولها لأصغر وزيرة في العالم تتبوأ حقيبة الشباب، إضافة إلى شغلها ما نسبته 75% من المناصب القيادية بقطاعي التعليم والصحة، وما نسبته 47% تقريباً من إجمالي القوى العاملة بالدولة، كما تشغل المرأة الإماراتية ما نسبته 66% من وظائف القطاع العام ومنها 30% بمراكز اتخاذ القرار، وما نسبته 15% بالوظائف التقنية والأكاديمية، كما تشغل المرأة الإماراتية مناصب قيادية في الدبلوماسية الإماراتية حيث تشكل المرأة نسبة 20% من العاملين في السلك الدبلوماسي، يشغلن 175 مركزاً وضيفياً، منهن 42 يساهمن بشكل فاعل في تعزيز دور الدولة الدولي من خلال عملهن بالبعثات الخارجية للدولة منهن 7 سفيرات. وهي ثمار طبيعية لاستثمار الدولة في التعليم والمعرفة، حيث تبلغ نسبة المرأة الإماراتية في التعليم العالي 77%، ويشكلن ما يصل إلى 70 في المئة من خريجي الجامعات بالدولة، وأكثر من 10,000 من طلبة الكليات التقنية العليا هم من الإناث. يمثلن ما نسبة 56% من خريجي تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بالجامعات الحكومية. وهن يمثلن ما نسبته 60% بمعهد مصدر للعلوم والتكنولوجيا المتميز في أبوظبي وهو الذي يعد أحد أبرز المعاهد المتخصصة على المستوى العالمي.

وعلى المستوى الدولي فقد عززت دولة الإمارات دورها المحوري في تعزيز وتمكين المرأة على المستوى الدولي، وذلك من خلال ما تقدمه من دعم لهيئة الأمم المتحدة للمرأة منذ إنشائها في عام 2010، وتعزيز شراكتها من خلال مكتب الاتصال التابع لهيئة الأمم المتحدة الخاص بالمرأة في أبوظبي. وهو ما أسهم في انتخابها في عضوية المجلس التنفيذي لهيئة الأمم المتحدة للمرأة دورتين متتاليتين «2013-2015 و2016- 2018». وبإطلاقها للعديد من المبادرات النوعية التي أسهمت في تحقيق المكانة الدولية المرموقة للمرأة الإماراتية، كمبادرة تعزيز مشاركة المرأة في القطاع الخاص وزيادة نسبة مشاركتها في مجالس الإدارة، وهي المبادرات التي أسهمت في تعظيم مشاركتها في مجالس إدارات الشركات المساهمة العامة بنسبة 20% بحلول عام 2020، كما تمثل ما نسبته 15% من مجالس إدارة الغرف التجارية والصناعية، وتدير 23 ألف سيدة أعمال إماراتية مشاريع تزيد قيمتها على 50 مليار درهم، كما تدير ما نسبته 30% من المشاريع الصغيرة والمتوسطة بالدولة، وهو ما يجعلها تتبوأ قمة أعلى المراتب العالمية في تعزيز مشاركة المرأة الاقتصادية بأنشطة الدولة، حيث تحتل دولة الإمارات العربية المتحدة للعام الخامس على التوالي المركز الأول إقليمياً في مجال إغلاق الفجوة المهنية بين الجنسين.

ولا شك في أن الرؤية التي انطلقت منها سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، في تدشين شعار الاحتفاء بيوم المرأة الإماراتية لهذا العام، يفتح آفاق المستقبل البعيد لتبوؤ المرأة الاماراتية دورها المحوري في بناء مستقبل الإمارات مثلما كانت كذلك شريكاً رئيساً في بناء الوطن ورسم ملامح نهضته وتقدمه وتنميته، انطلاقاً من رؤية استشرافية تكرست كمنهج رئيس في إدارة الدولة بالإمارات، فإننا على يقين من أن الخمسين عاماً القادمة ستحمل للمرأة الإماراتية إنجازات مبهرة وغير مسبوقة، فالإمارات تقف اليوم في مجال تعزيز وتمكين المرأة على قاعدة صلبة وعالية، فقد اكتملت منظومتها التشريعية المعنية، وانتقلت من مرحلة التمكين إلى التعزيز، وتعاضدت فيها عملية المشاركة الفاعلة والشاملة للمرأة، على النحو الذي يكرس دورها لتكون شريكاً وسنداً لبلادها في تأكيد تقدمها ومكانتها العالمية خلال الخمسين عاماً المقبلة، انطلاقاً من رؤية استراتيجية واستشرافية للمستقبل والدفع بالبلاد إلى المزيد من الإنجازات والتقدم والريادة بالمحافل الإقليمية والدولية، وهي العملية التي اتضحت بوادرها من خلال تبوؤ المرأة الإماراتية اليوم للعديد من المراكز القيادية بالدولة، وإشرافها على إدارة الكثير من أبرز المؤسسات الوطنية التي تساهم في تطور الإمارات ونهضتها، فعلى الأرض هي الدولة التي تفردت في تبوؤ أعلى المراكز وتحقيق أفضل الإنجازات، وفي السماء تمتد رؤيتها لمواكبة أكبر الدول المتقدمة بمسبار الأمل الذي يعبر عن رؤية وطموح الإمارات لبناء وصناعة المستقبل، مدعومة بالعديد من المؤسسات الوطنية التي أسهمت في وصول المرأة لهذه المكانة، وستساهم بشكل فاعل في استكمال مسيرتها الوطنية، اعتماداً على الرؤى والاستراتيجيات التي ما فتأت تقدمها القيادة الرشيدة للمرأة والوطن، وبشراكة وتكاملية مع العديد من المؤسسات المعنية بتمكين وتعزيز المرأة الإماراتية، وعلى رأسها سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم رئيسة مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين رئيسة مؤسسة دبي للمرأة.