جاء مشروع «راشد» الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، الأسبوع الماضي، في سياق سعي الإمارات الحثيث لاستكشاف الفضاء والريادة فيه. وقد أحسن سموه إطلاق الاسم الكريم للمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، طيّب الله ثراه، على هذه المُهمّة العلمية. وقد جاء الإعلان عن هذه المهمة بالتقارب مع الذكرى الثلاثين لرحيل باني دبي الحديثة، والذي لا يزال حاضراً في ذاكرة الوطن ووجدان أبنائه.

عندما نتحدث عن الشيخ راشد، فإننا بصدد الحديث عن شخصية قيادية استثنائية، هو بحق باني دبي وراعي نهضتها، وهو كذلك، الذي أسهم مع أخيه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وإخوانه الآباء المؤسسين في بناء الكيان الاتحادي المتين الذي يزداد رسوخاً وشموخاً مع مرور الأيام والأعوام.

منهج راشد في القيادة تَميّز ببصيرة نافذة، ورؤية حكيمة، وإدارة رشيدة. استطاع خلال عقود حكمه في القرن العشرين، بحنكته المعهودة، وذكائه السياسي، أن ينتقل بالإمارة من بداياتها المتواضعة إلى مصاف البلدان الراقية. رؤيته، بلا شك، سبقت عصره، رأى في دبي فرصاً رائعة للتنمية والتميّز والريادة، وسلك في سبيل ذلك نهج الشورى والاستماع إلى شركائه المواطنين من التجار والمختصين ذوي الرأي والحكمة.

عدّ نفسه حاكماً شريكاً وفاعلاً وداعماً لرجال الأعمال الذين أسهموا في عملية البناء الشاملة من خمسينات القرن الماضي وحتى رحيله في عام 1990.

حرص على توفير الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وصحة وتعليم ووسائل الاتصالات، على الرغم من قلة الإمكانات، وشح الموارد، وضخامة التحديات، وعمل على تطوير البنية الأساسية من طرق وجسور وأنفاق وفق أحدث المعايير العالمية وجعل من دبي مقراً رئيساً للاستيراد والتصدير، وبنى من أجل ذلك الموانئ والمناطق الحرة.

لم يُشغل الشيخ راشد بما كان يموج في المنطقة العربية من تيارات تُروّج الشعارات الفارغة، ولا المزايدات الزائفة، بل اتجه بطاقته الكاملة، وجهده كلّه، وجُلّ وقته لبناء وطنه والاعتناء بالإنسان، وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيه، وتحقيق السعادة لهم، فتحقق له ما أراد. ومنحه أبناء شعبه التقدير والحب والولاء. هكذا هم القادة العظماء في تاريخ البشرية، خالدون بأثرهم الخيِّر وذكرهم الطيّب. رحم الله الشيخ راشد، ورحم الآباء المؤسسين وأجزل مثوبتهم.