أرحّب بشدة، بصفتي مؤسس مجموعة شركات عائلية ورئيس مجلس إدارتها، بالقرار الذي اتخذه صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإقرار مرسوم عن إدارة الثروات.
يساهم هذا القانون الطليعي في تعزيز الثقة بالاقتصاد الإماراتي، وفي حماية ثروات الأجيال القادمة، ويؤمّن استمرارية الأعمال المحلية في المستقبل.
أسّستُ مجموعة شركاتي بميزانية ضئيلة خلال السبعينيات. وكانت الانطلاقة مع مكتب صغير مستأجَر يطل على خور دبي الذي كان يعجّ على الدوام بالبضائع. لم أكن أملك المال لشراء آلة طابعة أو جهاز فاكس، وكل ما كنت أملكه بعض الأثاث المصنوع من الفولاذ. لم تكن لديّ حافظة من المشاريع الهندسية كي أعرضها على العملاء المحتملين، ولكن بعدما انقضت بضعة أشهر من دون أن ننفّذ مشروعاً واحداً، كُلِّفنا، والحمد لله، بتشييد فيلا، فكان هذا باكورة مشاريعنا.
اليوم أنا على رأس مجموعة دولية من الشركات تعمل في قطاعات الفنادق، ووكالات السيارات وتأجيرها، والتعليم، والعقارات، والتأمين. وهذه الشركات هي ثمرة العمل الذي كرّست له حياتي، وقد راودتني في مناسباتٍ عدّة فكرة طرح أسهم المجموعة في الاكتتاب العام، لكنني ما زلت متردداً بأن أخطو هذه الخطوة حتى اللحظة. فأنا حريصٌ على أن تبقى هذه الشركات إرثاً عائلياً ينتقل من جيل إلى آخر.
يحدّد القانون الجديد إطاراً تشريعياً للأعمال والشركات التي تنتقل إلى الجيل الثاني أو الثالث وتواجه في معظم الأحيان خطر الانهيار، وهو يقطع شوطاً طويلاً نحو تهدئة مخاوفي. فالشركات العائلية التي تشكّل جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد الإماراتي باتت تحظى بضمانة لمدى الحياة. يتيح القانون للشركات تحقيق الاستدامة في المدى الطويل، ما يساهم أيضاً في استقطاب مزيد من الاستثمارات الخارجية المباشرة.
إدارة
ويتيح كذلك للأفراد والشركات فرصة توقيع عُهد مالية تمنح سلطة الوصاية لأشخاص أو مؤسسات موثوق بها من أجل إدارة النمو واستثمار الأموال. وترد في المرسوم أنواع مختلفة من العُهد، منها العهدة الخيرية، والعهدة التي تنص على إنشاء صناديق تقاعد، والعهدة التي تتعلق حصراً بالبورصات والأوراق المالية.
يرد في بيان صادر عن الحكومة الإماراتية: «يُقدّم القانون لأصحاب الرساميل منظومة متكاملة تُمكّنهم من إدارة ثرواتهم بوصفها عهدة مالية من قبل أشخاص أو مؤسسات مختصة تمتلك خبرة في مجال الاستثمار». ويؤكّد البيان أيضاً أن الشركات المملوكة من العائلات ستكون واحدة من الجهات الأكثر استفادة من القانون الجديد، بما يتيح لمالكيها التخطيط لمستقبل أصولها وموجوداتها في المدى الطويل.
وقد أوردت وكالة أنباء الإمارات أن «المرسوم يندرج في إطار الجهود المستمرة التي تبذلها الحكومة لتعزيز فاعلية التشريعات والسياسات المالية في البلاد، وتوفير الأجواء التنافسية». ومن شأنه أن «يساهم أيضاً في الحفاظ على الرساميل واستثمارها داخل البلاد واستقطاب الاستثمارات الخارجية بما يؤمّن مناخاً اقتصادياً سليماً ومتطوراً، وكذلك في تنويع الأدوات المتاحة لاستكشاف الثروات وحمايتها».
حكمة
لقد أثبتت حكومة الإمارات من جديد أنها تتحلى بالحكمة والرؤية الاستشرافية. فقادتنا يعطون الأولوية لرفاه شعبهم ونمو دولتهم.
أشعر بالفخر لأنني مواطن إماراتي. لقد واجهنا تحديات عدّة يعود معظمها إلى عوامل خارجة عن سيطرتنا مثل التباطؤ الاقتصادي الذي انطلق من الولايات المتحدة في عام 2008، والجائحة الفتّاكة التي ظهرت أولاً في الصين، ونجحت الإمارات في التصدّي لهذه العواصف، لأنها تقوم على مرتكزات متينة، ولأن قيادتها موجَّهة نحو الحلول.
على صعيد شخصي، لقد بات بإمكاني أن أطمئن، لأنني أعلم أن شركاتي التي ازدهرت وتطورت على مر الأعوام الخمسين الماضية بفعل العمل الدؤوب والتفاني والمثابرة سوف تحظى بالحماية على الدوام. أتوجّه بالشكر الجزيل إلى الشيخ محمد بن راشد، وإلى كل مَن شارك في إعداد هذا القانون الذي يُغيّر قواعد اللعبة.