ليس بمناسبة اليوم العالمي للمرأة فقط يجب الحديث عن المرأة واقتصاد المعرفة، ولكن يجب أن يكون الحديث عن هذا السياق حاضراً بشكل دائم طوال الوقت، فتغييب المرأة من فعاليات الممارسة الاقتصادية لتحقيق التنمية يشبه الحديث عن محاولة الطيران بجناح واحد، ولأن المرأة كانت دائماً شريكاً فاعلاً في عملية التنمية، فلا بد من الإشارة إلى أن فكرة الاقتصاد المعرفي وتشجيعه، التي تعد من أهم دعائم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول النامية والمتقدمة على حد سواء، لا يمكن أن تكتمل تفاصيلها إلا بمشاركة المرأة في جميع سياقاته؛ ولا بد من تجديد الفهم بأن اقتصاد المعرفة يلعب دوراً مهماً في دفع عجلة النمو الاقتصادي بشكل عام، وزيادة دخل الفرد من خلال رفع تنافسية السلع والخدمات بشكل خاص، ولا يمكن لأي كاتب أو باحث أو مُنظّر أن يتجاهل العلاقة الوثيقة بين المعرفة من جهة، والرفاه الاقتصادي من جهة ثانية، ومساهمته في تفعيل مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي من جهة ثالثة، كونها شريكاً في العملية الإنتاجية.

ويشكل اقتصاد المعرفة، الآلية الفعالة التي يمكن استخدامها من أجل حشد الجهود، وتبادل المعلومات، وتمكين المرأة، لكن قدرة اقتصاد المعرفة على إعادة التأهيل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي، لن تتحقق إلّا عندما تعالج كل الأطراف المعنية، وبشكل ملائم، أبعاد النوع الاجتماعي في الأطر والتطبيقات التنظيمية، مما سيعزز، كنتيجة حتمية، القدرات التنافسية للمرأة، في حال لو تم توظيف الاقتصاد المعرفي بصورة أكثر فاعلية وتوجيهية باستغلال القدرات والمهارات الضائعة للمرأة، والإفادة من مساهمتها الاقتصادية، التي ما زالت نسبتها عربياً متدنية مقارنة بما تمثله من إجمالي عدد السكان.



والعلاقة بين اقتصاد المعرفة والتعليم علاقة تكاملية حيوية، إذ يفترض هذا الاقتصاد زيادة انتشار التعليم، وبالتالي تطور فرص وآليات العمل للرجل والمرأة على حد سواء، بالإضافة إلى ذلك، لا بد من التعزيز من تطور البنى التحتية واستمرار عمليات الابتكار والإبداع والشفافية التي تفضي إلى انتشار العديد من الفرص للتعلم والتدريب عن بعد، كما وتحافظ، ليس للمرأة فقط، بل لكافة أفراد المجتمع من العمل على استمرار تطوير معارفهم وقدراتهم.

ومما ينبغي الوعي به لتفعيل منهجية اقتصاد المعرفة ليؤدي دوره بفاعلية ويعزز من قدرات المرأة، العمل على تشجيع الأطراف السياسية والحكومات على أن تشرح بشكل أفضل في برامجها كيف تنوي استخدام الاقتصاد المعرفي للاستجابة بشكل منصف للحاجات الأساسية للنساء والرجال. وكذلك تشجيع وسائل الإعلام على رعاية برامج في الابتكار، من خلال إعداد تقارير مصوّرة حول إمكانية أن يخدم العلماء مصالح المجتمع ويلبّوا الحاجات الأساسية للناس، وحول تأثيرات العلوم في حياتهم، وخاصة التأثيرات المختلفة للعلوم والتكنولوجيا عند الرجال والنساء.

ولا بد من الإشارة في نهاية هذا المقال، إلى أن المرأة تستفيد من مناخ الابتكار والإبداع بنسبة أقل بكثير من الرجل، ويبدو هذا جلياً في المستوى المنخفض لاستخدام المرأة للبحث والتطوير، وإنتاج التكنولوجيا، وصياغة سياساتها. ويعود ذلك إلى عوامل عدة، من أبرزها، عدم المساواة البنيوية، والقيود المتعلقة بالموارد والخاصة بالنوع الاجتماعي، ومنها الدخل، والزمن، والتحيز في التعليم، وعناصر ثقافية مختلفة. كذلك لا تترك المسؤوليات العائلية والدخل المحدود للمرأة المجال والموارد الكافية للنفاذ والحصول على المعلومات خارج منزلها. وبصفة عامة، تتلقى النسوة والفتيات التعليم والتدريب بدرجة أقل، وخاصة في الدول النامية، وبالتالي يمكن أن تنقصهن المهارات اللغوية وغيرها من المهارات التي تمكنهن من المشاركة. وللحديث بقية.


* خبيرة اقتصاد معرفي