مع بداية شهر رمضان المبارك، أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، مبادرة «100 مليون وجبة»، التي تهدف لإيصال 100 مليون وجبة للمحتاجين في 30 دولة، والحقيقة لست أنوي أن أتكلم عن المبادرة فالمبادرة بحد ذاتها تتكلم عن نفسها، ولست أنوي التكلم عن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ومبادراته العالمية، فسموه ومبادراته وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها، وهي أيضاً تتحدث عن نفسها، إنما أردت الحديث عن حالة جديدة من العمل الإنساني والخيري، حالة أوجدها سموه وجعلها نموذجاً ومسلكاً جديداً لهذا الهدف النبيل؛ وأقصد هنا كيف حوّل سموه العمل الخيري لتحدٍّ ومبادرة ذات هدف ضخم، وكيف لهذه الطريقة أن تشجع الكثير من الناس والجمعيات الخيرية والمتبرعين على المساهمة في تحقيق هذا الهدف.

نحن نتحدث عن 100 مليون وجبة؛ رقم كبير ويعد الأكبر من نوعه في المنطقة، وفي الوقت نفسه، العالم يمر بأزمة صحية وإنسانية كبيرة جراء فيروس «كورونا» المستجد، والعديد من شعوب العالم باتت تعاني نقصاً في الغذاء بالإضافة للتبعات الاقتصادية التي ألحقت بالدول والشعوب جراء هذه الجائحة، ويأتي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد ليطلق هذه المبادرة في وقت صعب، ويضع المؤسسات الإنسانية والإغاثية والخيرية وأيضاً المتبرعين من حول العالم أمام تحدٍّ كبير، وهو يعلم أن هذا الهدف الكبير يمكن تحقيقه إذا ما وضعناه أمام أعيننا وقصدنا تحقيقه، وهذه الطريقة جعلت العمل الإنساني أكثر جدوى وقدرة على تحقيق أهداف كبيرة في وقت قياسي وفي ظروف صعبة تكاد تكون مستحيلة، ولكن لأن سموه لا يعرف المستحيل، وضع الهدف وأشرك الجميع لتحقيقه وبلوغه.

لو وضعنا لأي مؤسسة إنسانية هدف توفير 100 مليون وجبة في شهر، فسيكون الرد بأن المهمة مستحيلة، وسيجدون الحجج الواهية لعدم تمكنهم من تحقيق الهدف، ولكن عندما وضع سموه الهدف أمام الجميع، بات الأمر تحدياً في خدمة الإنسانية، وهذا ما أجده أسلوباً نافعاً ومجدياً لتحفيز المعنيين على تبني مثل هذه المبادرات وإنجاحها.

عندما أطلق سموه المبادرة، كان كل شيء جاهزاً، الرؤية والخطة والتنسيق والتسويق والدعاية والدعم، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الخطط والمبادرات التي يطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، رعاه الله، لا تأتي وليدة اللحظة، إنما تكون بعد خطط مدروسة ومحكمة لتنجح، حتى وإن كانت مبادرات وليدة اللحظة، فسموه لديه فرق ورجال قادرون على تنفيذ مبادرات وخطط بهذه الحجم وبهذا الوزن العالمي، ودبي إن وضعت مبادرة فتأكد من أنها ستجعل منها مبادرة عالمية يتردد صداها وتصل شهرتها إلى أنحاء المعمورة كافة.

العمل الخيري والإنساني العالمي يحتاج لمثل هذه المبادرات، وخصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي نشهدها هذه الفترة، والحقيقة أن هناك قصوراً في تنظيم العمل الخيري في معظم دول العالم، وخصوصاً مع استغلال البعض هذه الأعمال لدعم جماعات إرهابية، أو تمرير أجندات سياسية، أو حتى ممارسة ضغوط على مؤسسات أو أفراد وحتى دول، ولهذا أتت هذه المبادرة لتحرك المياه الراكدة، وتشعل فتيل المنافسة بين الدول المانحة لتأخذ زمام المبادرة، وتطلق مبادراتها الإنسانية، وهذا ما حدث، فبعد أن بدأت حملة «100 مليون وجبة» بدأنا نشاهد مبادرات تنطلق هنا وهناك، وهذا ما أراده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، بأن يشعل المنافسة ويحفز المجتمعات والدول على النهوض بالعمل الإنساني وتوسيع أعماله ومبادراته لتحقيق رؤية عالمية مفادها القضاء على الفقر بحلول عام 2030، وبمثل هذه المبادرات سنصل لهذا الهدف لكوننا رفعنا من سقف التحدي، وكان للإمارات بصمتها في جعل العمل الخيري أكثر تنظيماً وشمولية.

صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، صاحب مبادرة ورؤية فريدة وأفكار خارج الصندوق، حتى في مجال العمل الخيري، وضع بصمته ليقول للعالم إننا في الإمارات أصحاب فكرة ومبدأ اللامستحيل حتى في المجالات الصعبة، نضع التحدي أمامنا ونمضي لتحقيقه ونصل إلى الهدف، وهذا هو أسلوبنا ومنهجنا في جميع مشاريعنا ومبادراتنا وخططنا، هذه هي الإمارات، وهذه رؤية قيادتها الرشيدة.