قبل أيام قليلة، أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، عن مشروع مستشفى حمدان بن راشد لعلاج السرطان تخليداً لذكرى المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، طيّب الله ثراه، ويأتي هذا الإعلان استكمالاً لنهج المغفور له في العطاء والعمل الإنساني الممنهج، حيث إن المستشفى سيعالج مرضى السرطان بالمجان ممن لا يستطيعون الحصول على العلاج، وليس لديهم القدرة المالية لدفع تكاليفه.
وأرى أن الخطوة هي بالفعل استكمال لنهج المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، فالمغفور له كان له أسلوبه في العطاء واختياره لزاوية خاصة به في العمل الإنساني المتخصص، والذي يركز على جوانب معينة في تقديم المساعدات، وهذا ما عرفناه عنه، رحمه الله، طيلة مسيرته العطرة. كما أن الإعلان عن المشروع بحد ذاته، يجسّد لمسة وفاء الأخ لأخيه من خلال العطاء والمضي على نهجه واستكمال مسيرته.
ربما ركزت على هذه النقطة في مقال سابق، ولكن من شدة إعجابي بالعلاقة المتميزة بين صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وأخيه المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، دائماً ما ألمس هذا الحب والوفاء والدفء في كل شيء يجمعهم، حتى في هذا المشروع الإنساني، لم أره إلا من هذه الزاوية، وهذا ما عبر عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد مع إعلانه عن المشروع، فقد عبر عن ذكرى أخيه، وأنه موجود في كل أركان وزوايا دبي، فقال سموه «حمدان بن راشد كان مميزاً في خيره وعطائه وإنفاقه ورحمته وتواضعه.. كان اهتمامه بالتعليم والصحة والأيتام مستمراً ولم يتوقف عبر عقود.. ما زال فقده يوجعنا.. وذكراه في كل ركن من دبي»، ومن هنا نجد أن الأخ المحب لأخيه، أراد أن يستمر خيره وعطاؤه حتى بعد مماته.
وبالعودة للمشروع الإنساني، الذي سيوفر علاجاً لأكثر من 30 ألف مريض بالسرطان سنوياً، وسيضم أكثر من 250 سريراً، مع وجود مخطط لتحويله لصرح طبي وبحثي كبير متخصص بعلاج مرضى السرطان، واستحداث أحدث الوسائل لإيجاد علاجات فعالة لهذا المرض الخبيث، ولا أستبعد أن نرى هذا الصرح في قادم السنوات، أحد أهم المراكز المعنية بمرض السرطان من حيث العلاج وابتكار وتطوير آليات العلاج وطرقها وأساليبها، فالإعلان عن المشروع أشار إلى أنه سيتم استقطاب أهم الكوادر في هذا المجال، ولأن المشروع يمثل وفاء الأخ لأخيه المعطاء الخيّر صاحب الأيادي البيضاء، لهذا فإن هذا الصرح الطبي سيكون متميزاً على الصعد كافة، خاصة أنه يجسد لمسيرة أحد رجالات الوطن الذين نثروا الخير من وطننا ليعم مشارق الأرض ومغاربها.
مستشفى حمدان بن راشد سيفتح الباب أمام مشاريع مماثلة تُعنى بتقديم الخدمات العلاجية التخصصية والصعبة بالمجان، وهذا ما يحتاجه الكثيرون من المرضى ممن يعانون مع عدم قدرتهم على تحمل تكاليف العلاج، ومثل هذه المشاريع والمبادرات سيكون لها الأثر الطيب في التخفيف على المرضى، وتشجيعهم على قهر المرض والانتصار عليه، وأيضاً مثل هذه المشاريع ستفتح الباب أمام الكثير من المؤسسات الخيرية لتبني مثل هذه المشاريع، وتخصيص جانب من أعمالهم الخيرية لعلاج هؤلاء المرضى، ودولتنا دولة خير، وما أن يُفتح باب للخير حتى تجد الكثيرون يهرولون مسرعين لطرقه وتقديم المساعدة، ومستشفى حمدان بن راشد طريق لمثل هذا العطاء ومثل هذا الخير.
دولتنا دولة تميز، فحتى عندما تعلن عن مشروع إنساني، تسعى لأن يكون من أكبر الصروح في هذا المجال، وتنشد فيه التميز بأعلى درجاته، وهذه مسيرة وطن وقادة لديهم وفاء وحب وخير لبلدهم. رحم الله المغفور له الشيخ حمدان بن راشد، وسنبقى نستذكر وقفاته العطرة في كل جوانب حياتنا، وأعان الله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على نشر الخير والعطاء في ربوع دولتنا وعلى امتداد العالم.