تنتظم أعدادٌ كبيرة من الطلبة سنوياً في المدارس والجامعات الحكومية والخاصة من أجل الحصول على خدمة التعليم، وبالمقابل تتحمل الأسر كثيراً من النفقات الكبيرة لتجهيز أبنائهم للدراسة، وتبرز الشكوى في مطلع كل عام دراسي من مبالغة بعض مؤسسات التعليم الخاصة؛ فيما تفرضه من رسوم الدراسة، التي تعدُّ مرتفعة،الأمر الذي يرهق ميزانية الأسرة بسبب ما يوضع على عاتقها من أعباء إضافية، ويسأل كثيرٌ من أولياء أمور الطلبة في الآونة الأخيرة،عندما يتلقون الإشعارات بدفع رسوم العام الدراسي الجديد حين تأتي بقيمةٍ لا تقلُّ عن الرسوم الدراسية التي كانت تؤخذ قبل التباعد الذي تسببت به جائحة كورونا، بل إنّ بعض المؤسسات تفاجئ أولياء أمور الطلبة بطلب رسومٍ أكثر على الرغم من أنّها تؤدي الدروسَ أو المحاضرات عن بُعد، ولا يوجد استخدامٌ فعليٌّ فيها للمبنى المدرسي أو الجامعة، ولا للمرافق التابعة لها، ولا تجري برامجها التعليمية بشكل ميداني، ووسطَ كل ذلك يشعر كثير ممن يتابع الأمر بأنه لا تناسب بين العملية التعليمية والرسوم التي تتقاضاها المدارس والجامعات، ويكمن هنا -والحال كما رأينا- أنْ يبرُزَ السؤال الآتي: لماذا لا تتم الاستفادة من فائض الرسوم التي تتقاضاها مؤسسات التعليم الخاص بالإنفاق على البحث العلمي،وعلى تطوير المناهج، وتدريب المعلمين، ووضع معايير دقيقة لاختيار المعلمين؟ وذلك سعياً لتحسين المخرجات التعليمية، وتجاوز الملاحظات التي باتت واضحة على بعض مؤسسات التعليم الخاص،التي تضاعفت حتى بلغ عدد الجامعات الخاصة في الدولة 75 جامعة، ووصل عدد المدارس الخاصة إلى 643 مدرسة، يعمل فيها50.869 معلماً ومعلمة، ويدرس فيها حوالي 810.537 طالباً وطالبة.
ولا شك في أنّ الجهودَ التي تُبذل لتحسين التعليم وتطويره المستمر في الدولة كبيرةٌ وجبارة، وبأنّ التعليم الحالي المتّبع في أغلب مؤسسات التعليم في الإمارات تعليمٌ متطور مقارنة بكثير من الدول الأخرى، ومع هذا نأمل أنْ يكون لقطاع التعليم الخاص دوره الفعال ومساهمته في خدمة المجتمع، مع ما يُرجَى من تقنين الرسوم الدراسية حتى تبدو واقعية ومصروفة في مجالات تطوير هذا القطاع من مختلف النواحي، فالتعليم خدمة مجتمعية جليلة، ورسالة سامية لا تقبل المساومة عليها أو اعتبارها أداة للكسب فحسب.