اقتضت سنة الحياة أن يحصل خلاف بين الناس وقد يتطور ذلك الخلاف إلى خصومة تحال إلى الجهات العدلية للفصل فيها. وحرصاً على الحفاظ على عدم قطع حبال الود بين الأفراد وإعلاء قيمة الوصول لحل مرضٍ بين طرفي النزاع، أفرد قانون المعاملات المدنية نصوصاً نظم بها موضوع الصلح، وسنشرع في مقالين متتابعين في تبيان أهم أحكام الصلح.

يعرف الصلح قانوناً بأنه عقد يرفع النزاع ويقطع الخصومة بين المتصالحين بالتراضي، ولذا عرف الصلح بأنه سيد الأحكام، واشترط القانون ضرورة أن يكون الشخص الذي يعقد الصلح له أهلية التصرف بعوض في الحقوق التي يشملها عقد الصلح وأن يضمن الصلح إسقاط شيء من الحقوق فيشترط أن تتوافر فيه أهلية التبرع، وأجاز القانون صلح الصبي المميز والمعتوه المأذونين شريطة ألّا يكون هناك ضرر من وراء ذلك الصلح وينطبق الأمر ذاته على الصلح الذي يجريه الولي والوصي والقيم كل ذلك مع مراعاة ما نص عليه قانون الأحوال الشخصية.

واشترط القانون في المصالح عنه أن يكون مما يجوز أخذ البدل مقابله ولو كان ذلك المقابل ليس مالاً كما يشترط أن يكون المتصالح عنه معلوماً فيما يحتاج القبض والتسليم، ويشترط في بدل الصلح أن يكون معلوماً إن كان يحتاج إلى القبض والتسليم، وفي حالة كان البدل عيناً أو منفعة مملوكة للغير، فإن الصلح لا يكون نافذاً إلا بموافقة وإجازة هذا الغير المالك للبدل.

ويجيز القانون الصلح عن الحقوق سواء أقر بها المدعى عليه أو أنكرها أو سكت ولم يبدِ فيها ثمة إقرار أو إنكار، وإذا ما وقع الصلح في حالة الإقرار على بدل معين يدفعه المقر فهو في حكم البيع وإن كان على المنفعة فهو في حكم الإجارة. ونواصل بمشيئة الله.