في الإمارات لم يكن شهر أكتوبر لهذا العام كسائر شهور العام المنصرمة، مثلما هو في عالم حقوق الإنسان، كان مختلفاً أيضاً من حيث الحراك والاستهداف والنتائج بالطبع، ففي حين احتفت دبي ومعها العالم بافتتاح فعاليات المعرض العالمي للحضارات «إكسبو 2020 دبي» ليكون أفقاً سامياً للإنسانية، التي تلتقي فيها الحضارات الإنسانية حاملة إرادة التغيير والعمل المنجز للمستقبل، ولتتشارك من خلاله القيم والمبادئ الإنسانية السامية التي تعزز من آفاق السلام والتعايش الإنساني المشترك، وتحقق أهداف وخطط وبرامج التنمية المستدامة، التي هي عنوان حاضرنا ومستقبلنا لخلق عالم أفضل للحياة وفرص أكثر عدالة ورفاهية للشعوب، ولتمثل الإمارات في حراكها هذا إرادة الخير التي تسعى لنشرها بالعالم، والتي يقابلها إرادة للشر تتربص بليل، وقوى للهدم تعمل بلا كلل أو ملل، متجاهلين قوله تعالى على لسان موسى مخاطباً السحرة الذين جاءوا ليوهموا العالم بسحرهم وعملهم الباطل «إن الله لا يصلح عمل المفسدين».

وحكاية «المنظمات الدولية المأجورة» هي مهمة للغاية في ما نتناوله اليوم، فقد عملت طوال أكثر من ستة شهور في تنفيذ خطة محكمة لاستهداف ملف وإنجازات الإمارات الإنسانية، كما سخرت نفسها لخدمة أجندات وغايات سياسية بعيدة عن القيم والمبادئ الإنسانية، التي زعمت العمل لحمايتها والإعلاء من شأنها، وحكاية تلك المنظمات مهمة للغاية ولا ينبغي تجاهلها أو تجاوزها، ليس لأنها استهدفت إرادة الخير والسلام التي مثلتها الإمارات، ولا لسعيها لنشر الشر والكراهية بين الشعوب، بل لكونها عنواناً رئيسياً للتدخل السلبي من قبل بعض الدول والمنظمات في عمل حقوق الإنسان بهدف التأثير سلباً على عمل الهيئات والأجهزة الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وهي قضية رئيسية تسعى الأمم المتحدة لمحاربتها وتجريمها والحد منها، بل والقضاء عليها إن أمكن.

ودعونا نعود لقصة تلك المنظمات بعد أن اكتمل عقد الإنجاز الإماراتي خلال شهر أكتوبر بنيل ثقة العالم المتحضر بفوز الإمارات بعضوية مجلس حقوق الإنسان، ذلك الفوز الذي مثل مفترق الطرق بين إرادة الخير والشر بالعالم الإنساني المتحضر، بين إرادة المجتمع الدولي، التي تمثلت في 180 دولة منحت ثقتها في الإمارات لتكون شريكاً لدول العالم في المسؤولية الدولية عن حماية وتعزيز حقوق الإنسان بالعالم، والإعلاء من شأن القيم والمبادئ الإنسانية وضمانة تمتع الجميع بها بشكل عادل ودون تمييز، إضافة إلى 190 دولة شاركت بكل قوة في «إكسبو 2020 دبي»، يقابلها دعوات الظلال التي مثلتها 80 منظمة دولية مثلت إرادة الشر والتخريب بالعالم، واستهدفت القيم الإنسانية النبيلة التي كانت الإمارات أيقونتها ورمزيتها، وإذ نفكك خيوط تلك الحكاية فإننا لا ندعي زوراً ولا نروي باطلاً، بل ننقل ما افتخرت تلك المنظمات بروايته مراراً وتكراراً في إطار زعمهم تمثيل إرادة المجتمع الدولي، 80 منظمة دولية من كل أقطار العالم، الجزء الأكبر منها، منظمات دولية بلا هوية ومختلفة في كل شيء، لا يوحدها إلا الغايات الرخيصة التي سخرت نفسها لخدمتها، ولعل أفضل ما نفند به عملهم، الذي استهدف الإمارات هو كشف حقيقة الأمور بلغة الثوابت والأرقام، فليس من المعقول أن تنخرط 80 منظمة دولية مختلفة في كل شيء في مشروع يمتد لأكثر من 6 شهور بأهداف وغايات ضيقة ومحددة، وأن تنصهر كل تلك الإرادات في غاية واحدة ولفترة محددة، وهنا نطرح السؤال المهم «من الذي وحد كل تلك الإرادات وجمع كل تلك الرؤى ووحد كل تلك المنظمات» لاستهداف الإمارات والإمارات فقط لا غير، وبلغة الأرقام أيضاً يحق لنا أن نسال من الذي موّل هذه الحملة، التي استهدفت جهود وقيم ومبادئ الأمم المتحدة المعنية بمحاربة تدخل الدول في تخريب عمل حقوق الإنسان، لا سيما أن الميزانية اللازمة لإدارة وتمويل عمل وأنشطة وجهود وبرامج وفعاليات 80 منظمة دولية لمدة 6 شهور ليست بالقليلة، إذ تبلغ الميزانية التي صرفت لتمويل الحملة، التي قامت بها 80 منظمة طوال الستة شهور الماضية «11.520.000 دولار» بأقل تقدير، وإذا علمنا أن عدداً كبيراً جداً من تلك المنظمات لا تملك أية مصادر للدعم والتمويل، عدا عن أن طبيعة ونطاق عملها لا يرتبط أبداً بإقامة الإمارات أو غيرها من الدول لمعرض إكسبو أو بنيل الدول ثقة العالم بعضوية مجلس حقوق الإنسان، أكثر من 11 مليون دولار تمنح الشرعية لسؤالنا، الذي نضعه أمام تلك المنظمات، من الذي مول هذه الحملة وما هي أهدافه وغاياته، وهو السؤال الذي نختم به مقالتنا لعله يكون سبيلاً لإعادة الرشد لهذه المنظمات، ومن يقف وراءها في مثل هذه الأعمال المنافية حقاً للقيم والمبادئ الإنسانية السامية، ولا عزاء لمواطني تلك الدول التي وفرت الدعم والتمويل لهذه المنظمات من خيرات وضرائب مواطنيها للقيام بهذه الأعمال المجرمة، بعد أن حلقت الإمارات بعيداً بقيمها ومبادئها السامية، التي لم تنل منها 80 منظمة دولية عملت على استهدافها طوال ستة شهور ولم تزعزع ثقة العالم بها، حلقت الإمارات بإنجازاتها بعيداً جداً بنيلها ثقة العالم بعضوية مجلس الأمن الدولي، ومجلس حقوق الإنسان، وإقامة «إكسبو 2020 دبي»، ولتكون الإمارات في العام 2022 أيقونة عالمية لحقوق الإنسان مثلما هي كذلك دائماً وأبداً عاصمة للحضارة الإنسانية ومهداً للقيم والمبادئ الإنسانية النبيلة.