لقد جاء بالبند الرابع من مبادئ الخمسين أن المحرك الرئيس المستقبلي هو رأس المال البشري، مركزاً على تطوير التعليم، والبناء المستمر للمهارات.
وهذا المبدأ من أهم المبادئ، إذ إن البناء الحقيقي للتنمية هو التعليم والتدريب، وهنا أود مناقشة أمرين مهمين، أحدهما يتلخص في إعداد المعلمين المؤهلين والقادرين على إيصال المضمون التعليمي إلى شرائح الطلاب المستهدفة بالرسالة التعليمية، في جميع التخصصات، وندرك مدى ما يعانيه التعليم من عدم الرغبة في دخول هذا المجال، نظراً لأنه لا يمثل لهم الدافعية للانخراط فيه، لعدم التقدير اللازم، وعدم التمييز في الرواتب والحوافز بما يساوي قدسية المهنة، ومتطلباتها من تحضير وتدريس، والتربية والاعتناء بالسلوك الطلابي، فمن غير المنطقي تساوي من يربي الأجيال وينمي المعارف بالموظف العادي في الامتيازات والحوافز.
ولم لا نعطي المعلم ضعف ما يتقاضاه، ونفتح أمامه باب الترقيات حتى لو تجاوز وكيل الوزارة. وحيث إن التعليم يعاني ضعف مستوى المعلم كظاهرة عربية، تتساوى فيها معظم دولنا العربية، بما فيها الدول العريقة التي كانت تصدر لنا المعلمين. ولذا أرى لزاماً الاهتمام بهذه الفئة، بتأسيس معهد لإعداد المعلمين، وتطوير كليات التربية لتعد لنا المعلم الواعي والمؤهل للقيام بهذه الرسالة.
أهمية
وثاني الأمرين، والذي لا يقل أهمية عمّا سبق، يتمثل بإعداد الخطباء والوعاظ، الذين يتحملون مسؤولية الإرشاد الديني، ويقدمون الفهم الواضح لمقاصد الشريعة البعيد عن الضحالة والغلو والتنفير، انطلاقاً من قول المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين))، ليقدموا لنا الخطاب الديني السليم، المبني على لغة التسامح والفهم الواعي والمستنير لحدود الدين.
الذين يستطيعون تقديم رسالة الدين القويم بلا إفراط ولا تفريط، ويعملون على جمع الناس على كلمة سواء، من دون انحياز لفكر دون آخر، منطلقين من الفقه المقارن، ومقارنة الأديان، وإشغال العقل بما يتفق مع الفكر الإسلامي والشريعة السمحة، ويستفيد من منتج الحضارة الإسلامية.
وهذا يتطلب إنشاء معهد عالٍ لإعداد الأئمة والخطباء والوعاظ، ومعلمي التربية الإسلامية، وفق النهج السليم. والتعاون مع كليات الشريعة والدراسات الإسلامية، لتطوير مناهجها لما يحقق الهدف، حتى يكون هناك التكامل المطلوب بين رسالة المسجد ورسالة المدرسة.