قبل اكتشاف كولومبوس للعالم الجديد، كان هناك تكهنات كثيرة حول ذلك العالم وحول أصقاع شتى أخرى في العالم لم تكن قد اكتشفت بعد، وتلك التكهنات وغيرها تشبه تكهنات العالم اليوم حول الفضاء الخارجي لهذا الكوكب.

وثمة قول بأن السباق المحموم بين شركات السياحة الفضائية مثل شركة فيرجن جلاكتيكا وشركة أورايون أمازون لن يبلغ أكثر من الطواف حول مدار كوكب الأرض، فيما يعتقد آخرون بأن منتهى السياحة الفضائية لن يكون أكثر من بلوغ السياح لمدار القمر، والطواف حوله، كما أن هناك اعتقادات أخرى منها أن بلوغ الفضاء لن يتعدى أكثر من أن يكون مظهراً من مظاهر الرفاه والتباهي لدى رجال الأعمال وأصحاب الأموال الأثرياء ولن ينتج أي اقتصاد يمكن أن يؤثر في الاقتصاد العالمي أو يفتح الباب لمجالات مالية واستثمارية جديدة يمكن أن تغير مسار الاقتصاد العالمي كلياً.

إننا إذا نظرنا بتمعن في الأمر سنجد أن هذه التكهنات هي ذاتها التي بدأت بها قصة العالم الجديد قبل اكتشافه واكتشاف بقية العالم كما ذكرت في مطلع المقال، لكن الاكتشافات التي أتت لاحقاً غيرت مسار البشرية وأصبحت تلك العوالم الجديدة المكتشفة هي أقوى مناطق في العالم وهي التي تحكمه اليوم اقتصادياً وسياسياً وأكثر من ذلك وهي التي تتحكم فيه.

حين قال إينشتاين إن هناك شيئين لا حدود لهما وأحدهما هذا الكون فقد كان بحق يعني ما يقوله ويشير إلى أفق أبعد مما يعتقد اليوم في مجال الاستثمار في السياحة الفضائية والسفر إلى الكواكب الأخرى وما يطوف حولها من تكهنات لا تنبئ سوى عن قصور في الرؤية وعتمة في الاعتقاد.

إن تراكمات المعرفة الإنسانية والخبرة البشرية الطويلة تقول إن الاكتشافات مثل الأفكار ومثل الكلمات يفتح بعضها بعضاً المهم أن تكون هناك بداية فقط لمسارها وبلا شك فإن فضاءات وأبعاد هذا الكون بالمثل فيكفي أن نكون قد بدأنا في طريق السفر نحو تلك الكوكب والفضاء الخارجي حتى تتوالى لدينا اكتشافات في كل يوم وستثمر بلا شك موارد واقتصادات لا حصر لها وكل اكتشاف سيفتح الباب لآفاقٍ جديدة من الاكتشافات لن تنتهي حتماً لأننا ببساطة أمام كون لا حدود له على حد تعبير إينشتاين.

إن الإنسانية في أمس الحاجة إلى شيئين أولهما الثقة بقدراتها وثانيهما الثقة باللاتناهي الكوني الذي يحف عالم الفضاء وبعد ذلك أثق ثقة كاملة في بلوغ الإنسانية لأكثر مما حلمت به وطمحت إليه.

ورغم ذلك يجب أن يكون لنا خيال واسع فكل ما لم نكتشفه بعد في الفضاءات الخارجية لهذا الكوكب ليس سببه أننا عاجزون مثلاً ولكن سببه أن خيالنا لم يكتب لنا قائمة بالطلبات التي يمكن أن يوفرها لنا العالم الخارجي لكوكب الأرض أليس الخيال يسبق المعرفة بل وأهم منها كما يقول إينشتاين مثلما سبقت قصة أليس في بلاد العجائب نظرية النسبية أهم نظريات الفيزياء حتى هذه اللحظة وهذه الأهمية ليس لأنه لا شيء بعد النسبية مثلاً بل لأننا لم نتخيل شيئاً حتى اللحظة ونكتبه يضاهي النسبية الفيزيائية. 

أتوقع أن يكون هناك مستقبل عظيم للسياحة الفضائية وسيخلق بدوره اتجاهات لا حدود لها في الاقتصاد قد تغير مصير البشرية إلى أبعد مما يتصور البشر أنفسهم. وكل عام وأنتم بخير وسنة سعيدة للجميع.. وللحديث بقية.

 

خبيرة اقتصاد معرفي*