سألني وزير صديق، كنا نتناول العشاء معاً، على نيل القاهرة، قبل ساعات قليلة، من وداع العام الماضي، ماذا تقول عن عام 2021؟ قلت له: أريد شطبه من حياتي؟ ضحك ثم واصل متسائلاً: وماذا تقول لعام 2022؟

قلت له: أتمنى أن يطرق العام الجديد أبوابه، على المنطقة بشكل مختلف، أريده عاماً خالياً من الأوجاع، عاماً بمثابة استراحة لشعوب العالم والمنطقة، لالتقاط الأنفاس، بعد أن غرقت الشعوب وسط أمواج من التحديات الكبرى، منذ ما يسمى بـ«الربيع العربي»، عاماً يسلمنا إلى عام، مشكلة تنقلنا إلى أزمة، لدينا الكثير من الأحلام والآمال والرسائل في انتظار العام الجديد.

أول هذه الآمال والرسائل؛ أن يكتب لنا العام الجديد شهادة وفاة كورونا ومتحوّراتها، وأن يكون من بين جدول أعماله، الانحياز لشعوب العالم في حق الحياة والمصافحة، والتقاط الأحضان الدافئة، بين أم وأبنائها، أن يعيد سهرات الأحبة، وتجمّعات الأهل والجيران، وأن يكون عاماً يكره العزلة، ينحاز للتعافي البشري والصحي والاقتصادي والاستثماري، وإنقاذ البلدان من الانهيار السريع، عاماً ليس بين مفرداته الإغلاق، قاموسه لا يعرف المسحات أو الجرعات التعزيزية، أو تأجيل المؤتمرات أو المهرجانات، عاماً يكون مختلفاً عن سابقيه.

أريده عاماً متسامحاً مع المنطقة العربية، التي لا تزال تئن من أوجاع ربيع الفوضى والتخريب، فمثلاً أريده برداً وسلاماً على العراق، الدولة الوطنية، عراق مستقر، وآمن بلا إرهاب أو تنظيمات متطرفة، عراق يتخذ قراراته، ويحدد مصيره بنفسه، دون تدخلات خارجية، عراق منفتح على محيطه العربي، مؤثر فيه، ومتأثر به، عراق جديد بحكومة متفق عليها، تحظى بقبول الجميع، وتستطيع تحقيق الخدمات؛ التي حُرم منها العراق منذ عشرين عاماً.

أيضاً، أريده عاماً مؤيداً لعودة الدولة السورية إلى مقعدها، بجوار أشقائها بجامعة الدول العربية، خصوصاً أنه العام الذي يستضيف القمة العربية المقبلة بالجزائر، وأن الفرصة مواتية لتوفير كل أشكال الدعم لسوريا وشعبها، بما يعيد دمشق على المسرح العربي من جديد، ويُنهي كل مشروعات التقسيم، ويحافظ على الوحدة السورية، ويكون عاماً قادراً على منح أختام العودة للاجئين السوريين في مختلف دول العالم إلى حضن وطنهم، الذي ينتظر تحرير جيوب وخلايا التنظيمات الإرهابية، في الشمال الغربي لسوريا.

آمالنا في العام الجديد لسوريا والعراق، لم تختلف عن آمالنا في ليبيا وتونس، يحدونا الأمل في أن يطوي العام الجديد صفحات الخلافات والنزاعات بين الأطراف الليبية، وأن يكون عاماً حاسماً لإتمام الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وإعادة ترتيب البيت الليبي من الداخل، ولمّ الشمل بين الفرقاء والمكونات السياسية الليبية، بما يدفع إلى الحفاظ على مقدرات الشعب، ويحمي أمنه القومي، ويعيد ليبيا باعتبارها دولة طبيعية في محيطها العربي والأفريقي والمتوسطي، عاماً لا يعترف بوجود الميليشيات والمرتزقة والقوات الأجنبية.

أما تونس، في جدول أعمال العام الجديد، فنأمل أن تكون دولة بلا إخوان، تعود لهويتها الثقافية والحضارية والسياحية، المنفتحة على الجميع، من دون تمييز، وأن تكون قرارات 25 يوليو الماضي، بداية لدولة عصرية جديدة، تنفصل تماماً عن سنوات الفوضى والدمار والتخريب، وأن يشهد الاقتصاد التونسي تعافياً جديداً، يؤهلها إلى توفير كل متطلبات الشعب التونسي، الذي لا يزال يسدد فواتير باهظة لأحداث العقد الماضي.

في السياق ذاته، أتمنى أن يشهد العام الجديد عملاً عربياً مشتركاً، وتصفيراً للخلافات العربية العربية، وبدء مرحلة جديدة، يكون عنوانها التعاون والاحترام المتبادل، والمصالح المشتركة، ومواجهة جميع التحديات التي تهدد الأمن القومي العربي، والتكاتف من أجل منع التدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون العربية، وبذل الجهد اللازم لتعافي العواصم العربية، التي لا تزال تعاني من أصداء وارتدادات فوضى عام 2011.

 

* رئيس تحرير مجلة الأهرام العربي