معايير قياس الأداء بين البعدين الكمي والنوعي

ت + ت - الحجم الطبيعي

مما لا شك فيه، أن حياة الأفراد والمؤسسات تصبح من دون قيمة إن لم تكن هناك أهداف، تلك الأهداف بطبيعة الحال لا يمكن إنجازها إلا من خلال أداء مجموعة من الأعمال والمهمات المحددة، ولضمان جودة التنفيذ، لا بد من قياس الأداء من خلال معايير كمية ونوعية. بين البعدين الكمي والنوعي، لمن تكون الأولوية والأهمية، وما هو البعد الأكثر فاعلية؟ هذا ما سنجتهد في توضيحه من خلال مقال اليوم. 

لم يزل البعض مهووساً بالجانب الكمي، ويعتقد أنه البعد الأهم في القياس، سواء تعلق الأمر بنشاط فردي على المستوى الشخصي، أو نشاط تنظيمي على المستوى المؤسسي. الكميون يركزون على الأعداد والأرقام والأوزان في قياسهم لأداء أي عمل، ونجدهم يميزون بين الإيجابي والسلبي، والجيد والضعيف بناءً على هذه المعايير الكمية، مع إمكانية إدخال البعد النوعي في معادلة القياس، ولكن بدرجة ثانوية من حيث الأهمية. 

لتوضيح طريقة التفكير التي يتبناها أصحاب المدخل الكمي، يمكننا إيراد 5 أمثلة، والتي سنقوم بمناقشتها لاحقاً من وجهة نظر نوعية: 

-    قياس جودة المؤسسة يتم بالاعتماد على عدد الموظفين العاملين فيها.

-    تحديد رواتب الموظفين بالاعتماد على ساعات العمل.

-    ربط الأجور بعدد الوحدات المنتجة في الساعة أو اليوم. 

-    الكتاب الجيد هو الذي يتضمن عدداً كبيراً من الصفحات.

-    الرياضة الجيدة هي التي تسهم في إنقاص الوزن بعدد أكبر من الكيلوغرامات.

على الضفة الأخرى، نجد أصحاب المدخل النوعي الذين يعتبرون معايير القياس النوعية أكثر أهمية من معايير القياس الكمية. النوعيون يعتقدون أن المعايير الكمية لا تقدم قياساً صحيحاً ودقيقاً لقيمة العمل؛ على اعتبار أن البعد الكمي لا ينعكس بالضرورة بالإيجاب على الأهداف المحددة. 

لتوضيح طريقة التفكير التي يتبناها أصحاب المدخل النوعي، سنعود إلى الأمثلة الـ 5 التي تمت الإشارة إليها سابقاً، لنرى الاختلاف في المشهد. 

-    قياس جودة المؤسسة يتم بالاعتماد على نوعية كفاءات الموظفين. 

-    تحديد رواتب الموظفين بالاعتماد على جودة الأداء، ومدى علاقته بالأهداف.

-    ربط أجور العاملين بنوعية الوحدات المنتجة. 

-    الكتاب الجيد هو الذي يتضمن معلومات قيمة، ويسهم في تحسين الجانب العلمي والثقافي للقارئ.

-    الرياضة الجيدة هي التي تسهم في تحسين صحة الإنسان.

من جانبنا نعتقد أن الدمج بين معايير قياس الأداء الكمية ومعايير قياس الأداء النوعية، يعبر عن المدخل الأفضل والأكثر واقعية في التطبيق، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الأولوية بشكلٍ عام ينبغي أن تكون لصالح البعد النوعي المعزز للفاعلية، مع تجنب إهمال البعد الكمي المعزز للكفاءة، خاصةً بالنسبة للأعمال التي تعتمد بشكل كبير على الإنتاج الواسع «Mass Production». 

ختاماً نقول.. ينبغي على المعنيين والعاملين في مجال القياس والتقييم، الاجتهاد في البحث والتفكير؛ للوقوف على أفضل الصيغ العملية الكفيلة بالجمع بين البعدين الكمي والنوعي في قياس الأداء، وعدم الركون إلى استخدام المؤشرات الكمية فقط بحجة أنها أكثر دقة وسهولة في عملية القياس.

Email