نتعرض اليوم بشيء من الشرح لمبدأ قانوني راسخ هو مبدأ عدم جواز الدفع بالجهل بالقانون مبينين فحواه وفلسفته.
 
متى ما أصدر المشرع قانوناً ما، وتم نشره في الجريدة الرسمية، فإن المشرع يفترض علم الكافة بهذا القانون افتراضاً غير قابل لإثبات العكس، فلا يسمح لمن اتخذت بحقه إجراءات قانونية أن يدفع عن نفسه الاتهام ويتحاشى تبعات ما اقترفته يداه بكونه لم يطلع على القانون المشار إليه ولم يعلم بالتالي ما نص عليه، ولا يقبل منه الاحتجاج بكونه جاهلاً بالقانون ولا يصح ذلك الدفع كوجه من وجوه الدفاع.
 
ولا يفوت على فطنة القارئ المغزى من وراء ذلكم المبدأ فإن تم فتح الباب لسماع ذلك الدفع فإن العدالة ستتضرر بلا شك؛ لكون العديد ممن خالفوا القانون سيفلتون من العقاب بدعوى أنهم لم يسمعوا بتجريم الفعل المرتكب، والمشرع يحرص أشد الحرص على أن يكون الجميع سواسية أمام القانون ويسمح لهم عدالة بتقديم كل أوجه الدفوع قانونية كانت أم موضوعية ما عدا الدفع بالجهل بالقانون الذي لا يقبل كعذر ولا يصلح كدفاع يبرئ ساحة مرتكب الفعل المجرم ولذا فعلى الجميع الحرص على الإلمام بأهم النصوص المتعلقة بشؤونهم الحياتية ومعرفة رأي القانون في كل ما يزعمون فعله، وهو ما تحرص هذه الزاوية القانونية على القيام به بزيادة الوعي القانوني للقراء الكرام وإثراء ذخيرتهم القانونية وإشباع نهمهم لمعرفة أهم ما نص عليه المشرع.