وُلد المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، في مدينة العين عام 1948، وترعرع في ظلِّ والده الحكيم، ممثل حاكم أبوظبي آنذاك، المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، طيَّب الله ثراه.

نهل من أخلاق ذلك الرجل، الذي يُضرب به المثل في الكرم والنَّخوة والشهامة وحبّ الخير، وتخرَّج في مدرسة المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، الحياتية، وكان معلّمه الأوَّل، والده، رحمه الله، حيث جعله يرافقه ويجالسه في مجالسه، فاستمع إليه وهو يفصل ويحلّ مشاكل البدو في ذلك الوقت في مدينة العين وواحاتها، ومن كان معلّمه زايد، فلا شك أنّه ينشأ على البِر وحسن الخلق، والتواضع وحبّ الخير.

والمغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، كان كذلك منذ صغره، وأيَّام عمله في مدينة العين، حيث كان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، قبل قيام الاتحاد، وترأس المحاكم، ونظر في قضايا المواطنين، وإلى أن صار ولي عهد أبوظبي، عندما صار المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، حاكماً لإمارة أبوظبي عام 1966.

وعندما فكَّر المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في تأسيس اتحاد الإمارات، كان المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، أحد أعمدة الخيمة التَّشاورية في سيح سدير، فقدَّم بجانب الشيخين المؤسسين، المغفور لهما، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، الكثير.

وشارك مع إخوته، صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حاكم أبوظبي، والمغفور لهما، الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، والشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، في العمل في تلك المرحلة الصعبة.

ثم قام الاتحاد، وصار المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان، بجانب كونه حاكماً لأبوظبي، رئيساً لدولة الإمارات، والرئيس الأعلى للقوات المسلحة، فظل المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، رحمه الله، ولي عهده الأمين، ونائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة.

وعندما توفي المغفور له، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في عام 2004، تولَّى المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، مقاليد الحكم في إمارة أبوظبي، وأصبح رئيساً لدولة الإمارات.

فسار، رحمه الله، منذ ذلك اليوم، على نهج والده، ويسانده صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حاكم أبوظبي، وظل سموه يشجع التوطين والتمكين، وأرسى قواعد السماحة وحسن التعايش، ومواصلة مسيرة التنمية في البلاد. كما أنه واصل نهج والده، في مد يد العون والمساعدة إلى دول العالم، فكان صديقاً للدول الأجنبية، وأخاً شقيقاً للدول العربية، ومحباً للأمة الإسلامية. ولا أدل على ذلك، من أنه وقف بحزم في التصدي لجائحة «كورونا»، فوفر البيئة الطبية النوعية، واللقاح والعلاج للداخل، من غير تفرقة بين المواطن والمقيم، بل ووجّه الحكومة إلى الوقوف مع كثير من الدول التي تخلت عنها المنظمات العالمية، فوفرت لها العلاج.

ويلاحظ أنه في فترة حكم المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، ازدهرت دولة الإمارات على جميع المستويات، وتفوقت اقتصادياً وتعليمياً وصحياً واجتماعياً، حتى وصل المواطن الإماراتي إلى المريخ والفضاء، ولم تتأثر بالأزمات العالمية، بفضل الله، ثم بفضل حسن نوايا قادتنا، وجهودهم وحرصهم.

وعلى المستوى المحلي، وصلت بنت الإمارات إلى المجلس الوطني ودائرة القضاء، وانخرطت الإماراتية في العمل الشرطي والعسكري، والسلك الدبلوماسي، وتميّزت الحكومة في عهده، رحمه الله، بكثرة الإنجاز، وجودة العمل، ومنافسة الدول الكبرى، مع المحافظة على سياسة التوازن وحسن الجوار والحوار.

ومما يذكر عن المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، أنه تابع مشاريع التطوير والتحديث من كثب، حتى إنه تولى مفاوضات المشاركة النفطية، فمن خلاله، وضعت الأسس العادلة مع السياسة النفطية، وتولَّى رئاسة المجلس الأعلى للبترول، وأسس وترأس جهاز أبوظبي للاستثمار، ضمن رؤية تنموية رائدة، في المحافظة على مصادر الدخل، ومكتسبات وحقوق الأجيال القادمة.

وكان، رحمه الله، مهتمَّاً بتطوير البنية التحتية، ومرافق الخدمات المختلفة في الدولة، وساهم في المشاريع الإنسانية، من خلال تأسيس مؤسسات للأعمال الإنسانية التي نفعت الداخل والخارج.

أجل، فإن المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد، الإنسان، هو أحد أولئك الذين انتسبوا إلى المدرسة الإنسانية، لذلك، فإنه عندما رحل عنَّا، أمس، في الثالث عشر من مايو 2022، بعد معاناته من المرض، ليس لنا إلا أن نقول:

رحم الله الشيخ خليفة بن زايد، وجعل معاناته من المرض في سجل حسناته، وما قدم للإنسانية، نوراً في طريقه يوم القيامة، ووفّق الله صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان حاكم أبوظبي، وإخوته للخير.

وجعل الله صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رمزين دائمين للألفة والمحبة، وسلمهما الله من الشرور، وسلّم سائر أعضاء المجلس الأعلى للاتحاد، حكام الإمارات، ودامت دولة الإمارات آمنة مطمئنة.