فقدت الإمارات أحد أبنائها البررة، من كان محباً لوطنه، مخلصاً لشعبه، المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، عليه من الله الرحمة والرضوان، قائد المسيرة المباركة، لقد كان عليه رحمة الله، منذ شبابه، ذلك التلميذ النجيب في مدرسة زايد، الذي كان عوناً لوالده، وتحمل مسؤولية البناء، ونهل من قيمه ورؤاه، وأشرف على البرامج التنموية لإمارة أبوظبي، حيث تحقق لها الكثير من الإنجازات بجهوده، في ظل قيادة والده، من خلال المجلس التنفيذي، وصندوق أبوظبي للاستثمار.

لقد كان المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمه الله، ذلك المحب للناس، الذي لا تفارق ابتسامته شفتيه، تراه فرحاً متهللاً عندما يلتقي الناس، تشعر بالبهجة عندما تراه. ولقد ترجم ذلك الحب لشعبه، بتواصله من خلال مجلسه الذي يلتقي فيه المواطنين والمسؤولين.

وعندما تولى، رحمه الله، زمام الأمور رئيساً للدولة، لم يحد عن المنهاج الذي رسمه قائد المسيرة وباني النهضة، على المستوى المحلي والخارجي، فسار على خطاه بأمانة وحزم، وحرص على أن تكون مكانة الوطن في أعلى مستوى بين الدول، واهتم بالداخل، فاعتمد البرامج التنموية، من خلال مبادرات رئيس الدولة، التي عمت الوطن بمدنه وقراه، تدعيماً للبنية التحتية، من مساكن ومستشفيات، وطرق. وكان قريباً من أفراد شعبه، مستشعراً هموهم وحاجاتهم.

أذكر من ذكريات خاصة، زيارات المغفور له، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رحمة الله عليه، التي كان يقوم بها إلى مصر في سبعينيات القرن الماضي. ففي عام 1975، كنت في السنة النهائية من الدراسة، وقام بزيارة إلى نادي طلبة دولة الإمارات، ودار حديث بينه وبين الطلبة، في حوار لا تنقصه الصراحة والشفافية حول الشأن الوطني، وقد قلت لسموه، نسمع أن الطلاب الذين تخرجوا قبلنا، لا يزالون يبحثون عن وظائف، فما مصير الذين سيتخرجون الآن، فكان رده، رحمه الله، (لا تخف، انجح وتعال وبياخذونك من المطار)، وفعلاً، كان ذلك.

فقد تخرجت في شهر يوليو، وتم تعييني في شهر سبتمبر من العام نفسه. وبعد عامين، زار، رحمه الله، مصر، وكنت يومها دبلوماسياً بالسفارة، وللشبه القريب بيني وبين الأخ عبد الله أمان، الذي كان ضمن الوفد، سأله، رحمه الله: كنت تسأل عن الوظيفة، وأنت الآن في الوظيفة، فرد عليه أمان: الذي سأل هو بلال البدور، وهو موجود في السفارة. وهذا ما يعني أنه، رحمه الله، كان متذكراً حينها لسؤال وجهته له منذ سنتين. كما كنت قد حضرت جلسة له، وكان ثمة حديث بينه وبين وزير الزراعة المصري، حول الزراعة، وكانت لديه، رحمه الله، آراء ونظرات سديدة في هذا المجال.

لقد زرع الحب والخير في الوطن.

يرحل خليفة، وتبقى مآثره.

يموت الخالدون بكل فج / ويستعصي على الموت الخلود

 

* رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم في دبي