كلنا قد سمعنا عن قصص بعض الصغار الذين تعرضوا للتخويف في طفولتهم من ذويهم أو مربّياتهم أو حتى أصدقائهم أو من يكبرهم سنّاً. ولطالما كان هذا الرعب الذي قد يزرعه البالغين في أذهان الصغار من باب إخضاع الطفل لأمرٍ ما أو نهيه عمّا قد يضرّه… كأن يتم إخافته من وحشٍ مختبئٍ تحت السرير حتى يغمض الطفل عينيه وينام، أو إطفاء النور وإقفال الباب عليه لخطإٍ ارتكبه… أو أن "الحرامي" سيلاحقه إن لم يلتزم بالتعليمات. 

ما لم يحسب له الكبار هو أن الطفل خياله واسع… فالوحش سيصبح أكثر فتكاً والظلام أكثرُ حلكةً والحرامي أكثر خطورة وتهديداً لأمنه وأمانه، فيصبح الخيالَ لديه حقيقةً وقد يمزج بين مخيلته وواقعه. وهذا - حسب الدراسات - له تأثيرٌ عاطفيّ وذهنيّ واجتماعيّ سلبي وعميق على الطفل، يبقى معه حتى يكبر. كما تشير الأبحاث أن أسلوب التخويف يسبب قلقاً مزمنا ناهيك عن تأثيره على القلب والتنفس والذاكرة وتأخير التعلّم لدى الطفل. 

وقد لا يزال بيننا من ينتهج هذا الأسلوب في تربية (أو تدمير) أبنائه ظنّا منه بأنها الطريقة الأسرع أو الأمثل لاستسلام الطفل لما يريده، أو قد لا يدري أحدنا ما تفعله المربيات بأطفالنا لإهمالنا لأثمن ثروة نمتلكها… ولكن في جميع هذه الحالات يبقى هذا النهج سرّا دفينا ومن باب "التربية" وليس المزاح. 

نعم المزاح. فقد انتشر مؤخراً على إحدى تطبيقات التواصل الاجتماعي، نزعة جديدة ومقلقة للغاية، يتم فيه استخدام التطبيق ووضع الهاتف في وضعية التصوير أمام الطفل والوقوف خلفه، ووضع فلتر يسمى ب "المسكون" والخروج بسرعة من الغرفة وإحكام الباب على الطفل. في هذه اللحظات يظهر فلتر الشبح خلف الطفل مع قهقة شريرة، فيرتعب الطفل ويركض خلف والده أو والدته ومنهم من يبدأ بالبكاء والصراخ والمحاولة بفتح الباب للهروب من هذا الهلع الذي أصابه. 

لحظات من المزاح لدى الكبير… يقابله انكسار مدى الحياة لدى الطفل… حتى يُضحك "متابعينه" لألمٍ ألمَّ بهذا الطفل، وشرخٍ قد يلازمه حتى يكبر. 

تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي سلاحٌ ذو حدين. ولكن الأقوى من هذا السلاح الافتراضي هي ثقافتنا الإماراتية وديننا، وقيمنا التي نشأنا عليها والإنسانية التي ترعرعنا بكنفها… فإن كانت هذه التطبيقات تدمّر إنسانيتنا، فإلى هنا وكفى.