وصايا للطلبة في عامهم الجديد

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقف أبناؤنا الطلبة على أعتاب عام دراسي جديد، ينتظرهم وينتظرونه، ليدخلوا من خلاله إلى مرحلة جديدة، ويصعدوا إلى آفاق أرقى في مسيرتهم التعليمية، وينهلوا من معين العلوم والمعارف المتنوعة، حتى يتخرجوا بإذن الله تعالى طلبة متوفقين متميزين، تفخر بهم أسرهم، ويعتز بهم وطنهم وقيادتهم.

وهذه بعض الوصايا التي أحببت أن أتحف بها أبنائي وبناتي الطلبة، الذين سيتقبلون عامهم الدراسي الجديد بعد أيام قليلة، وينتظمون في صفوفهم الدراسية.

فمن أهم ما يحتاجه الطالب في هذا الباب استحضار النية الصالحة والغاية الهادفة من التعلم، وما فيه من الفوائد الغزيرة والمزايا الكثيرة، التي تعود على الإنسان بالنفع في حاضره ومستقبله، وفي دنياه وأخراه، فبالعلم يزداد الإنسان نوراً وبصيرة، ويقوى وعيه ونضجه، فيعبد ربه على علم، ويسير في حياته على نور، ويكون في حصن حصين من المؤثرات السلبية، ولذلك قيل: العلم حياة القلوب ومصابيح الأبصار، وبالعلم تزداد مهارات الإنسان وإمكاناته وفرصه في أن يكون عضواً نافعاً وصالحاً في أسرته ومجتمعه، ويرتقي في درجات العلم ليصل شيئاً فشيئاً إلى مصاف العلماء، الذين هم كالنجوم في السماء، يهتدي بهم الناس، ويسهمون في بناء حضارة مشرقة تقوم على القيم المستنيرة والإنجازات المتلألئة وابتكار الحلول النافعة المستدامة، وقد ورد في شأن العلم والعلماء فضائل كثيرة، وصيغت فيه حكم وأمثال وأشعار، لما لها من أهمية كبيرة في مسيرة الحياة، ولذلك جاء الأمر الإلهي بالاستزادة من العلم، كما في قول الله تعالى: {وقل رب زدني علماً}، وإذا نظر الطالب إلى العلم هذه النظرة الإيجابية أقبل عليه بقلب شغوف وعقل منفتح، واجتهد في سلوك طريقه، مبتغياً الأجر من الله تعالى، ونفع نفسه وأسرته ووطنه.

ومن أهم الوصايا في هذا الباب كذلك الجد والاجتهاد في طلب العلم، وبذل أسبابه، من التحضير والمذاكرة وأداء الواجبات، وحسن الإنصات للمعلم، والمشاركة الفاعلة في الصف، والتحلي بالعزيمة والثقة والطموح، والتوكل على الله تعالى، وعدم الاستسلام لأي معلومة أو مسألة صعبة، وقد كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً، وأنت تجعل ‌الحَزَن ‌إذا شئت سهلاً»، والحَزَن بفتح الحاء والزاي هو المكان الخشن والصعب والوعر، وهو ضد السهل، وفي هذا الحديث الدعاء بأن الله سبحانه وتعالى يجعل كل صعب من الأمور سهلاً يمكن الوصول إليه بلا صعوبة، وفيه الحث على التحلي بالأمل والتفاؤل والثقة والعزيمة والإصرار وعدم الاستسلام لأي صعوبة تواجه الإنسان، وحسن التفكير والنظر، متوكلاً في ذلك كله على الله تعالى، وقد قال الشاعر قديماً: ‌

لأستسهلنَّ ‌الصعب أو أدركَ المنى … فما انقادت الآمالُ إلا لصابرِ

ومن الوصايا التي لا غنى للطالب عنها التحلي بالذكاء الاجتماعي وقيم الأخلاق الراقية في التعامل مع زملائه ومعلميه، وذلك باحترامهم، وانتقاء الألفاظ الجميلة في مخاطبتهم، وحسن الاستماع إليهم، والتعاون والتكاتف معهم، والتحلي بالتسامح واحترام آراء الآخرين، وتقدير المعلمين، وحسن إدارة العواطف والانفعالات تجاه المواقف المختلفة، وتعزيز السلوكيات الإيجابية في التعامل مع الجميع، وما أجمل أن يكون الطالب قدوة ملهمة لغيره في ذلك، فيكون شعلة مضيئة، يبث السعادة والروح الإيجابية أينما حل، فالأخلاق نبراس الأمم، والتميز الأخلاقي من أعظم أسباب نيل احترام الآخرين ورفعة الدرجات عند الله تعالى، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن خياركم ‌أحاسنكم ‌أخلاقاً»، قال العلماء في شرح هذا الحديث: «فيه الحث على حسن الخلق، وبيان فضيلة صاحبه، وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه».

ومن الوصايا للطلبة كذلك التحلي بخلق الشُّكر ورد الجميل، بأن يشكروا معلميهم الذين يبذلون كل ما يستطيعون لتعليمهم وإيصال المعلومات لهم بطرق جاذبة ميسرة، ويشكروا كذلك أسرهم التي تشجعهم وتحفزهم وتهيئ لهم البيئة المنزلية المناسبة، ويشكروا وطنهم وقيادتهم التي اعتنت بتعليمهم غاية العناية، ووفرت لهم كل ما يحتاجون إليهم، وحثتهم على التفوق والتميز والإبداع.

وأقول لأبنائي وبناتي الطلبة: ابدأوا عامكم الجديد بكل جد واجتهاد وطموح وتفاؤل، واستزيدوا من العلم والأخلاق ما استطعتم، فأنتم ثروة هذا الوطن، ومستقبله الزاهر.

Email