لا علاقة للعنوان أعلاه، بقصة نجيب محفوظ التي نشرها صحافياً عام 1977، ثم تضمنتها لاحقاً مجموعته القصصية «حب فوق هضبة الهرم». ولا بالفيلم المأخوذ عنها، وأخرجه علي بدرخان سنة 1981.

علاقة العنوان موصولة بأهل القمة العربية، التي باتت أيام قليلة تفصلنا عن انعقاد دورتها الحادية والثلاثين في الجزائر، بعد تعثر انعقادها ثلاث سنوات، لظروف تذرعت علناً بالجائحة، بينما كان الشتات العربي الموجع، هو العنوان المستتر لذلك التعثر.

تنعقد القمة في ذكرى عزيزة على قلب كل عربي، وهي الاحتفال بمرور 68 عاماً على اندلاع ثورة التحرير الجزائرية الملهمة، ضد الاستعمار الفرنسي الذي دام 130 عاماً. ولعل إلهامها أن يكون ورقة حاضرة على مائدة القمة العربية، ليذكر القادة العرب، أن التضامن العربي كان، وسيبقى، سلاحاً لا غنى عنه في يد الدول العربية، تشهره في وجه أعدائها، فتنجح في الحفاظ على مصالح بلدانها، وتُفشل الضغوط التي يمارسها نهابو ثرواتها ومواردها، حين تتخذ قرارات مستقلة للحفاظ على مصالح شعوبها!

بعد أعاصير ما سمي «الربيع العربي» المسمومة، اتسع نطاق التنديد بالجامعة العربية، والتحريض على الفتك بها، وتبديد رياحها بالدعوة لإغلاقها. ليس هذا فقط، بل تنادت أبواق داخل المنطقة وخارجها، بحدود جديدة للدول العربية، بما يسمح بتقسيمها على أساس عرقي وطائفي وديني، وبدأ التنفيذ بفصل جنوب السودان عن شماله. وما يجري في العراق وسوريا ولبنان واليمن وليبيا، غير بعيد عن ذلك.

مهّد الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لعقد القمة، بإجراء مشاورات مكثفة مع القادة والمسؤولين العرب، أملاً في إسقاط المبررات السياسية، التي تعيق التوصل لنتائج إيجابية من عقدها. واستند إلى تاريخ جزائري مضيء، في التوصل لتفاهمات بينية، بين الدول العربية وداخلها، لعل أبرزها إنجاز اتفاق الطائف، الذي أوقف الحرب الأهلية في لبنان، والذي لا يزال يسبح في الفضاء، ولا يراد له أن يرسو على أرض الواقع.

وإذا كان الاتفاق قد تم مع الجانب السوري، على عدم إثارة ملف عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر في الجامعة العربية، فإن التوافق بين «أهل القمة» على المطالبة برفع العقوبات الدولية المفروضة عليها من عشرات السنين، التي أجاعت الشعب السوري، وشردته، وهجرت ملايين من أبنائه إلى المنافي، لا يتعارض مع ذلك الاتفاق.

قمة للم الشمل وللمصالحات العربية، تنهي أعمالها باتفاق حد أدنى بين قادتها، تؤكد لشعوبهم أنهم مدركون لحجم المخاطر التي تحيط بهم، وأنهم قادرون بدعم تلك الشعوب ومشاركتها، على التصدي لها والتغلب عليها.

كان المبرر الأول الذي دعا الملك فاروق لاستدعاء أول اجتماع للقمة العربية في مدينة «أنشاص» في مصر عام 1946، هو أن يتوحد موقف الدول العربية لمجابهة المخاطر المحيطة بالقضية الفلسطينية، على عتبات صدور القرار الدولي بالتقسيم. ومنذئذ ظلت القضية الفلسطينية، محوراً أساسياً على جدول أعمال القمم العربية المتعاقبة، حتى الغزو العراقي للكويت، الذي عصف بفكرة المصالح العربية المشتركة، وبعثرها أدراج الرياح، وتعزز ذلك بالانقلاب الذي قادته حركة حماس، لتنفرد بحكم غزة.

لكن التجارب المريرة لا تزال تثبت أن الحفاظ على أمن دول المنطقة وأمن إسرائيل، أضحى مستحيلاً، دون حل عادل يضمن للشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولة مستقلة، على حدود يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. أكدت ذلك مبادرة السلام العربية 2002، وإعادة قمة الجزائر التمسك بها، لا يجب أن يتعارض بأي شكل مع خيارات بعض الدول العربية السياسية، بل هو يدعمها، لا سيما إذا ما استخدمت نفوذها لوضع بنود تلك المبادرة موضع التنفيذ.

على قمة الجزائر أن تنصت جيداً لآلام الشعوب العربية، من حالة التشرذم والتفتت والقطيعة بين دولهم. وأن تدرك أن المصالحة العربية «ولم الشمل»، غدت قضية أمن قومي، وأنها لن تتحقق إلا بالقبول ببعضنا البعض، كما نحن، ووقف حملات الشوشرة والعداء، وحل المشاكل البينية بالحوار والمناقشة، لا بقطع العلاقات. ويا «أهل القمة»، تطييب الخواطر صدقة، فلا تبخلوا بها علينا.