انكسر قلب الطفل الصغير بسبب موت عصفوره، يا أبا عمير ما فعل النغير؟ كانت تلك الكلمات المواسية للطفل على لسان سيد الخلق رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام.

مواساة الصغير والكبير نهج يحثنا على التواصل الإيجابي فيما بيننا، ويعزز لدينا التراحم والتكاتف وتشتد بواسطته العلاقات الاجتماعية، وذلك لما ينجم عن تلك الكلمات المواسية من تطييب للنفس وتقارب بين الأطراف وتخفيف من شدة الألم النفسي الذي أحدثته أزمة ما مثل فقدان عزيز أو ضائقة مالية أو مرض.

«متلازمة القلب المنكسر» حالة مرضية تصيب القلب، أحد أسبابها هو الحزن، وقد تترجم هذه الحالة شدة ذلك الألم الذي يشعر به المصاب بسبب ضيق معين وقع في نفسه بعد حادثة ما، ثم ينتج عن ذلك الشعور حصول أعراض جسدية مثل آلام في الصدر تنبئ عن احتمالية حدوث مضاعفات أكبر قد تودي بحياة الشخص.

قد يعتقد البعض أن مواساته للغير يجسد ذلك المثل القائل «من تدخل في ما لا يعنيه لقي ما لا يرضيه»، هي كذلك إذا تمادى الطرف الآخر في فضوله أو في أسئلته المستفزة أو حديثه عن مواضيع فيها تفاصيل تتعرض لشؤون شخصية لا يجب التطرق إليها، وقد يؤدي هذا التدخل إلى نتائج عكسية غير محمودة، وقد تترك أثراً غير جيد لدى الطرفين بسبب التباس الأمر بين تطييب الخاطر والتدخل في شؤون الآخرين، وأيضاً قد يكون السبب اختيار كلمات غير مناسبة من قبل شخص تفوه بها لمن يمر بوقت عصيب لا يطيق فيه التعرض لمثل تلك الكلمات المجهدة.

هناك عظام في الجسد عندنا تنكسر تحتاج إلى جبيرة وراحه لكي تستطيع أن تلتئم وتقوى، وكذلك القلب عندما ينكسر يحتاج إلى جبيرة مكوناتها تلك الكلمات المهونة على النفس تملأها راحة وقوة، ويحتاج إلى ذلك الاهتمام الذي يساعد على النهوض بعد الوقوع في وسط الشجون.

قد يظن البعض أن تطييب النفس مجرد كلمات لن تعين ذلك الشخص في حل مشكلته، ولكنها أشبه ما يكون بقارب نجاة انتشل أحد الغارقين من الماء، جبر الخواطر من الأكثر السلوكيات إيجابية بين أفراد المجتمع، لأنه تخفيف عن شده مكروب لا يكلف مالاً ولا جهداً بل هو وقت بسيط يمحنه الطرف الآخر ليبدى اهتمامه للمحزون ويشد على يده.

جبر الخواطر علامة من علامات التراحم بين الناس، ليست مجرد كلمات تقال بل هي موقف إنساني قد ينقذ قلباً من الهلاك.