لطالما راودتني فكرة وضع دبي تحت عدسة المجهر، والنظر إلى تفاصيلها الدقيقة، والإبحار في عوالمها وزواياها، وفي كل مرة تتكون لدي قناعة أكبر بأن ما سأراه سيزيدني فخراً، ورغبة لاستكشاف أسرار هذه المدينة التي برعت في أن تكون أيقونة المستقبل بامتياز.

فأن تتحول مدينة إلى لوحة فنية تتكامل فيها عناصر الإبداع، وتتصافح فيها جميع أنواع الفنون، وتجتمع مختلف الثقافات فيها على طاولة مستديرة بتناغم منقطع النظير، لتؤسس لاقتصاد إبداعي مستدام وفق خطة استراتيجية مدروسة، وتعانق فيها التكنولوجيا رؤى المبدعين وطموحاتهم، وتتلاقى فيها المواهب المحلية بالخبرات الإقليمية والعالمية، ليثمر تلاقيها عن بناء اقتصاد قائم على الإبداع والابتكار، فهذا ما يجسد مفهوم الرؤية المستقبلية للثقافة والفن، وما نسعى في هيئة الثقافة والفنون في دبي لتحقيقه عبر استراتيجية دبي للاقتصاد الإبداعي، التي تهدف إلى تحويل الإمارة إلى عاصمة للاقتصاد الإبداعي بحلول عام 2026.

وفي أسبوع دبي للتصميم الذي تناول هذا العام مفهوم التصميم من أجل مستقبل مستدام، فردت دبي أجنحتها للعالم، وفردت معها مساحات واسعة للمصممين الموهوبين والمبدعين، سلطت من خلالها الضوء على مواهبهم ومهاراتهم التي تجسدت على هيئة أعمال فنية تركيبية، وتصاميم مبتكرة، وأنماط هندسية نابضة بالإبداع والحياة، فأضافت إلى رصيدها الفني والإبداعي الكثير، وخلقت مفهوماً فريداً لمدينة لا تكتفي بالحلم بقدر ما تسعى لتحقيقه.

إنجازات كبيرة تحققت في أسبوع دبي للتصميم، ولكنني أرى الإنجاز الأكبر في انعكاس فكر دبي الطموح على فكر أبنائها والمقيمين فيها والمشاركين في فعالياتها الاستثنائية والملهمة، فعلى خطى دبي وفكرها المنفتح، سار المبدعون الذين شاركوا في أسبوع دبي للتصميم، وكانوا جزءاً فاعلاً في إنجاحه بطموحاتهم اللامحدودة، ورغبتهم في بلوغ آفاق واسعة وجديدة على صعيد الابتكار بتصميماتهم، وشغفهم لاستكشاف تقنيات إبداعية وفنية عصرية، وتطلعاتهم لتحقيق مفهوم الاستدامة الثقافية التي تعد بوابة رئيسة لمستقبل مشرق، وهو ما يحقق أهداف دبي وسعيها الجاد لأن تصبح إحدى أبرز الوجهات العالمية الرائدة في مجال اقتصاد المستقبل القائم على المعرفة والابتكار.

هذه هي دبي التي رأيتها تحت عدسة المجهر، مدينة لا تتوقف عن الحلم والحركة والعمل، ومدرسة عصرية نجحت في تغيير الفكر الإنساني ليواكب المستقبل.