كل شخص يذكر لحظة ولادة مولوده الأول، يذكر لحظة ولادة حبه الأول، يذكر أول يوم في مدرسته الأولى، ووظيفته الأولى، وأنا أذكر لحظة ولادة دولة الإمارات العربية المتحدة... استدعاني والدي العام 1968 على عجل من بريطانيا لاجتماع هام... كلفني بالإعداد والاستعداد لقضاء يوم كامل في الصحراء، كلفني بالإعداد لاجتماع بعيد عن أعين المتربصين والمتلصصين، بعيد عن أصحاب النوايا السيئة الذين كانوا لا يحبون فكر الاتحاد، لا يحبون اجتماع الكلمة، لا يحبون لهذه القبائل المتناثرة والإمارات المتصالحة أن تقوم لها قائمة أو أن تجمعها دولة ’’ من كتاب قصتي لسيدي صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – رعاه الله.

بعد أيام قليلة تعيش دولتنا الأبيّة يوم ميلادها الواحد والخمسين، رسخت خلال مسيرتها قيم العطاء والإنسانية والتسامح، يعيش على أرضها كل من أراد أن ينعم بالأمن والأمان و الطمأنينة، رسمت طريقاً واضحاً في سياساتها المعتدلة والصادقة، جعلت الإنسان محور اهتمام قيادتها وأقاموا سياساتهم عليه، فبالإنسان تُبنى الأوطان.

تعيش دولة الإمارات بعد أيام فرحة اتحادها التي انطلقت بوادرها من خيمة في الصحراء، اجتمع فيها قائدان عظيمان المغفور لهما بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان والشيخ راشد بن سعيد – رحمهما الله، لتبدأ مسيرة عظيمة من الرقي والازدهار تحت سقف كلمة ودولة واحدة تجمعها أواصر شتى، كفاح عظيم وصبر كبير وجهد مشهود يسطّر قصص الكفاح والمثابرة لينبثق منها جملة يرددها جميع من يعيش على أرض دولة الإمارات «يعيش اتحاد إماراتنا».

ففي عام 1971، رُفع العلم و أُنشد النشيد ووقع الدستور، وأضحى كل الشعب ينادي «وُلدت الأبية العظيمة»؛ إنها دولة الإمارات العربية المتحدة المشكّلة من سبع إمارات تربطها اللغة العربية والعادات العربية الأصيلة والدين الواحد ومبادئ التسامح و التعايش مع كافة البشر، التي رسخ مبدأها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد – طيب الله ثراه، وأقامها على المحبة والصدق والألفة والتعاون، عاشت دولة الإمارات وعاش ولاة أمرها وشعبها على تلك المبادئ كنقاط على حروف الكلِم ونهر يستقون منه.

أبوظبي، عاصمة الاتحاد ودار الكرام آل نهيان، ومنها رئيسنا وولي أمرنا وحاكمها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان – حفظه الله، بدأت فكرة الاتحاد منها و السعي لتحقيقه من بانيها الأول، عاصمة الدولة الأبيّة و عاصمة الشعب الوفي.

دبي، دانة الدنيا ودار الكرام آل مكتوم، ومنها نائب رئيسنا وولي أمرنا وحاكمها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم – رعاه الله، آزرت ووضعت قيادتها يدها بيد الباني المؤسس لدولتنا الأبية لتجمع اليوم العالم.

الشارقة، الإمارة الباسمة ودار الكرام القواسم، ومنها حاكمها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي – رعاه الله، منبع الفكر والثقافة والعلم، اهتمت بالفكر المستقيم المعتدل، وجعلت الثقافة طريقاً لها.

عجمان، دار الأمان ودار الكرام النعيم، ومنها حاكمها صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي – رعاه الله، الجمال والاقتصاد ركنان أساسيان بها، تجمع اليوم العديد من الجنسيات يعيشون بفرص الاستثمار العديدة وتطور الصناعة المتقدمة.

أم القيوين، إمارة الجود ودار الكرام المعلا، ومنها حاكمها صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا- رعاه الله، أرض الجذب والسياحة، جميلة برونقها وبساطتها، والبحر له نصيب في جمالها.

رأس الخيمة، إمارة التاريخ ودار الكرام القواسم، ومنها حاكمها صاحب السمو الشيخ سعود بن صقر القاسمي – رعاه الله، عرفت بجلفار قديماً وتاريخها الغني يعود إلى 7000 سنة من الحضارة والتراث، وقد أصحبت بين في القرنين الـ13 و14 ميناءً تجارياً مزدهراً في المنطقة.

الفجيرة، عروس الشرق ودار الكرام الشرقيين، ومنها حاكمها صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي – رعاه الله، اشتهرت بقلاعها المتينة وجبالها والعالية وبالمساجد القديمة، وأمست سياحتها جاذبة.

سبع إمارات اجتمعت تحت بيرق واحد يعلوها جميعاً ويسطر أبناؤها تضحياتهم بدمائهم للذود عن حياض دولتهم بكل ما للكلمة من معنى، ستبقى شامخة وستبقى أبيَة، وستبقى أبداً ما حيي أبناؤها على مبادئها الأساسية، فدولة الإمارات العربية المتحدة ظلت وستظل مثالاً يحتذى به في كافة المجالات، وستبقى بيعة أبنائها لولاة الأمر فيها، وهذا ما أمرنا به ديننا الحنيف ونبينا الكريم محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ودعانا إليه والدنا المؤسس زايد طيب الله ثراه، واختم قائلاً: «أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصاً لدولة الإمارات العربية المتحدة ولرئيسها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان».