الإنصات والاستماع، مصطلحان قريبان جداً من بعضهما والفاصل بينهما دقيق جداً، وهما عبارة عن عمليات فيزيائية وممارسات نعرفها جميعاً، ولكن نسبة كبيرة منا لا يتقن استخدامهما والتعامل معهما أو يجيد التفريق فيما بينهما، حيث لكل واحد منهما مفعوله الخاص وتأثيراته على طبيعة أداء الفرد وتعامله مع مختلف الأمور المحيطة به.
ورغم تشابه المصطلحين في المعنى العام، إلا أن السؤال يبقى لماذا نحن بحاجة إلى فهم الإنصات وإتقان الاستماع جيداً؟ والإجابة تكمن في طبيعة المعنى الذي يحمله كل واحد من هذه المصطلحات. فالإنصات يأتي في مستوى أعلى من «السماع» وفيه تركيز الانتباه على ما يسمعه الإنسان من أجل تحقيق هدف أو غرض محدد، وأما الاستماع الفعال فهو مهارة معقدة يولي فيها المستمع كل اهتمامه للمتحدث، ويمنحه كل تركيزه مع محاولة تفسير صوته وحركاته وإيماءاته وحتى سكناته.
الإنصات يتجاوز السماع العادي كونه أدق وأعلى من مجرد عملية فيزيائية، بينما يمتاز الاستماع الفعال بفوائده الذهنية، فمن خلاله يمكن بناء الثقة والعلاقات القوية مع الآخر والمساهمة في حل الخلافات، حيث يعطي الشخص فرصة استيعاب كل ما يحيط به، كما يتيح الاستماع الفعال للفرد إمكانية تحديد المشكلات أو توقعها، وكلما كان نشطاً فهو يمنع فقدان المعلومات الهامة، ويساعد على توسيع نطاق المعرفة، وذلك ما تؤكده القاعدة التي تقول «الدراسة تعطينا نصف المعارف، بينما الاستماع الجيد يعطينا النصف الآخر»، بالإضافة إلى ذلك يساعدنا الاستماع الفعال على الفهم الأعمق للآخر، لأنه يمنحنا الوقت الكافي للإبحار بداخل دهاليز الشخصية، واستخلاص المعلومات المطلوبة لاسيما وإننا نتعامل هنا مع أمزجة متغيرة واحتياجات مختلفة. وأهمية الاستماع الفعال تكمن أيضاً في الإدارة، حيث تحفز على الابتكار والخروج بأفكار أكثر إبداعاً في العمل، فضلاً عن مساهمته في تسهيل عملية اتخاذ القرارات المناسبة.
مسار:
الاستماع الجيد يجنب التشتت ويتيح فهماً أعمق للحوار