السينما حياةٌ متكاملة، حكاياتٌ وصورٌ ومشاعر تأسِرنا، فيها نستمع لقصصنا، ونتابع تفاصيل مجتمعاتنا، ونستحضر المستقبل ونعيشه، ونتعلق بشخصيات متنوعة، ونتقمص أدواراً مختلفة نرى في الكثير منها أنفسنا وأحلامنا ورؤانا وقد تحولت إلى صورٍ متحركة ترسم البهجة على وجوهنا في معظم الأحيان، ما يجعلنا ندرك أن عالم السينما كما عالم الواقع، ليس بالضرورة رعباً وإثارة فقط، فمعظم الأعمال الفنية التي تُخلَّد هي التي تلامس قلوبنا، وتأخذنا نحو مستويات تتجاوز الإبهار التقني والحرفي، وكذلك هي صناعة السينما في دبي التي تجاوزت مرحلة التجريب لتلامس بحكاياتها وتفاصيلها أرواحنا ومشاعرنا الداخلية.
عندما تنطفئ الإنارة، تطل دبي على الشاشة الكبيرة، أرى روائعها وتنوعها الثقافي في فيلم «دار الحي» للمخرج علي مصطفى، وأيقوناتها المعمارية، ومعالمها السياحية المبهرة في «مهمة مستحيلة: بروتوكول الشبح» للمخرج براد بيرد، وأراها قد تحولت إلى مدينة المستقبل في «ستار تريك بيوند» للمخرج جستين لين، ومسرحاً لأغنيات بوليوود في «هابي نيو يير» للمخرجة فرح خان.
وألمح روحها وجمالياتها وطبيعتها المميزة في العديد من الأعمال الأخرى وقد تجلت بأبهى صورة في تنوعها الحضاري، وثرائها الفكري، وبنيتها التحتية، ونهضتها العمرانية واقتصادها الإبداعي، حينها أدرك كيف استطاعت الإمارة أن تجعل من نفسها أيقونة سينمائية تتسابق عليها كاميرات صناع الأفلام الذين وجدوا بين ثناياها آفاقاً واسعة تدفعهم للابتكار والإبداع وتطوير المهارات.
وهو ما يتماشى مع رؤية «دبي للثقافة» الهادفة إلى ترسيخ مكانة دبي كمركز عالمي للفنون والثقافة وصناعة السينما، ووجهة للمبدعين من شتى أنحاء العالم. في دبي يُمارِس صُناع الأفلام أعمالهم بكل شغفٍ، فهم يصنعون لنا الأمل، ويطرقون أبواب الفرح، ويقدمون «قصصاً ترويها الطبيعة» ذلك الشعار الذي رفعه مهرجان «المرموم:
فيلم في الصحراء» الذي أطل علينا أخيراً بنسخته الثانية، وقد تَحوَّل إلى منصة سينمائية مبتكرة تحتضن أحلام صناع الأفلام وشغفهم، وتفتح الآفاق أمامهم لمزيد من الإبداع والتميز، والإحساس بجمال الحياة وبساطتها، ليصب ذلك في إطار جهود «دبي للثقافة» الهادفة إلى تفعيل القطاع السينمائي في إمارة دبي، وتعزيز مكانة «المرموم» كوجهة ثقافية وسياحية، وموقعٍ ساحرٍ لتصوير الأفلام.
* مدير عام هيئة الثقافة والفنون في دبي