توجهات العمل المستقبلية

ت + ت - الحجم الطبيعي

‏في خضم أكبر قمة عالمية للحكومات يحضرها أكثر من 250 وزيراً وعشرين رئيس دولة وحكومة وعشرات المؤسسات العالمية، يصعب أن تعثر على جلسات جميلة لا تتعارض مع أخرى من ناحية توقيت حضورها.

فتجد نفسك تارة تحضر وتارة تتابع بثاً مباشراً. من الجلسات المهمة تلك التي شاركت فيها معالي الوزيرة عهود الرومي، حيث قالت إن «المواهب أساس جاهزية حكومات المستقبل» وإن «خمسة توجهات رئيسية تشكل مستقبل العمل في السنوات المقبلة»:

أولها، المرونة التي ظهرت في بيئات العمل، حيث وفرت 69 % من المنظمات الحكومية حول العالم خيارات العمل المرن، وفي الوقت نفسه أظهرت تحسناً ملحوظاً في إنتاجيتها، فضلاً عن جاذبيتها في استقطاب من يحملون مهارات مطلوبة في سوق العمل. وبالفعل هذا ما أعلنت عنه الإمارات بعد تجربة تقليل ساعات العمل الأسبوعية حيث سجلت الإنتاجية ارتفاعاً ملحوظاً.

وثاني التوجهات المستقبلية في بيئات العمل «الموارد البشرية المدعومة بالذكاء الاصطناعي».

وهذا ما يحدث فعلياً، فمن خلال زيارتي لمعرض مصاحب للقمة العالمية للحكومات، أخبرتني الموظفة المسؤولة أنه بعد استعراض 1000 مشروع حكومي في العالم، وقع الاختيار على 10 مشاريع تتنافس للحصول على المركز الأول في هذا المعرض، منها على سبيل المثال برنامج جربته في إحدى الدول الأوروبية، يحاول أن يتعرف على اللهجات المحلية عبر تقنية الذكاء الاصطناعي.

وقد عرض الجهاز على صورة ثم جاءتني لهجة مشارك سوري يحاول أن يتعرف على الصورة وكان الهدف تقوية الذاكرة الإلكترونية، إذ إنه يقوى بتغذيته بأعداد هائلة من المعلومات التي تمكنه من التعرف على اللهجات. وهذه فكرة الذكاء الصناعي أصلاً، حيث كلما زادت أطنان المعلومات التي نزرعها في ذاكرته كلما تمكن من التعرف على حاجات ورغبات وسلوكيات المراجعين والعملاء حول العالم.

وسوف تشهد السنوات الخمس المقبلة نقلة نوعية غير مسبوقة من ناحية سرعة واستخدامات الذكاء الاصطناعي بدءاً من آليات الجيش والقاذفات وتحديد الأهداف بدقة، فضلاً عن طائرات الدرون (المسيرة) التي سوف تشن حروباً نيابة عن البشر بتقنية الذكاء الاصطناعي، مروراً بالتعليم والصحة وخدمة العملاء والأمن الداخلي وغيرها.

‏ولم يعد الذكاء الاصطناعي مقصوراً على المؤسسات الخاصة، حيث أظهرت «دراسة عالمية أن 72 في المئة من المؤسسات إما تستخدم أو تخطط لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي».

والتوجه الثالث مرتبط «بالمهارات الرقمية» التي «لم تقتصر على المبرمجين فقط، إذ لم تعد المهارات الرقمية مخصصة لمحترفي التكنولوجيا، بل أصبحت ضرورية لجميع الموظفين من مختلف القطاعات بما فيها القطاع الحكومي.

وأصبحت أيضاً محوراً أساسياً في مواكبة المستقبل، مع وجود تقديرات تشير إلى أن 375 مليون موظف عالمياً سينتقلون إلى وظائف جديدة بحلول العام 2030 بسبب التطورات التكنولوجية» حسب قول الوزيرة عهود الرومي.

ورابع التوجهات «بناء المهارات» لخوض تحديات معترك العمل حيث تبين أن 50 % من الموظفين سيجدون أنفسهم بحاجة إلى مهارات تتطلب التكيف مع متغيرات العصر.

وقد تبين أن المؤسسات الحريصة على تطوير كوادرها قد «حققت عائدات على استثماراتها في المهارات تزيد عن 200 في المئة». أما خامس التوجهات المستقبلية في سوق العمل، فهي التحول من السلم الوظيفي التقليدي إلى المحفظة المهنية وهي مسألة سوف أتوسع في التطرق إليها لاحقاً.

خلاصة الأمر أن السنوات القليلة المقبلة سوف تشهد حراكاً مذهلاً في بيئة العمل ومتطلبات الموظفين ومهاراتهم فضلاً عن التقنيات التي ستدخل في جميع مناحي الحياة.

* كاتب كويتي متخصص في الإدارة

 

Email