مصر تستعد لإعلان هزيمة الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تستعد مصر قريباً للإعلان رسمياً عن هزيمة الإرهاب ودحره، خصوصاً في بعض مناطق محافظة شمال سيناء الحدودية مع فلسطين. هذا الإنجاز المهم لم يتحقق من فراغ، بل إن القوات المسلحة والشرطة المصرية بذلتا جهداً كبيراً لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع مصر بعد سنوات طويلة من العمليات الإرهابية التي ضربت البلاد.

يعتقد البعض أن العمليات الإرهابية بدأت بعد نجاح ثورة 30 يونيو 2013 فقط وإسقاط جماعة الإخوان، لكن الحقيقة هي أن الإرهاب كان سلاحاً أساسياً لغالبية التنظيمات المتطرفة منذ سنوات عديدة.

وبعض الخبراء يقولون إن هذه الظاهرة في العصر الحديث بدأت مع اغتيال جماعة الإخوان للقاضي أحمد الخازندار صباح 22 مارس 1948 في ضاحية حلوان جنوب القاهرة، لأنه كان يحقق في قضية تفجيرات سينما مترو، والمتهم فيها بعض عناصر الجماعة، ثم اغتيال الجماعة أيضاً رئيس وزراء مصر الأسبق محمود فهمي النقراشي في 28 ديسمبر 1948.

ومنذ بداية التسعينيات شنت ما تسمى «الجماعة الإسلامية» سلسلة من الهجمات الإرهابية ضد أهداف متنوعة، كان في قلبها الكنائس والمسؤولون السياسيون والأمنيون، لكن الهدف الأكبر لهذه الجماعة كان ضرب السياحة المصرية، ليس للتأثير على الحكومة وسياساتها فقط، ولكن لضرب الاقتصاد القومي بأكمله.

ولمَن نسي ما حدث، فمن المهم التذكير، خصوصاً للأجيال الجديدة، بأن موجة الإرهاب في سيناء لم تكن مرتبطة فقط بثورة 30 يونيو 2013، بل إنها بدأت أيضاً في جنوب سيناء على يد تنظيم القاعدة.

البداية كانت في أكتوبر 2004 بسلسلة تفجيرات في طابا بجنوب سيناء أدت إلى مقتل 34 شخصاً، أعقبتها تفجيرات في 7 أبريل 2005 في خان الخليلي، ثم ميدان عبدالمنعم رياض في القاهرة في 30 أبريل من العام نفسه، واستهدفت السائحين، فقتلت 3 سائحين، وأصابت 18، منهم عشرة مصريين.

ولا ننسى أن «الجماعة الإسلامية» نفذت سلسلة من الهجمات بدءاً من 26 فبراير 1992.

لكن العملية الأخطر على الإطلاق كانت في 23 يوليو 2005 بسلسلة هجمات استهدفت مدينة شرم الشيخ، بدأت بخليج نعمة، ودمرت فندق «غزالة جاردنز»، والثانية استهدفت السوق القديم، وأدت إلى مقتل 88 شخصاً وإصابة 200.

وفي 24 أبريل 2006 وقعت سلسلة انفجارات بمدينة دهب بجنوب سيناء، ما أدى إلى مقتل 23 شخصاً وإصابة العشرات.

وهناك العديد من العمليات الإرهابية التي استهدفت بالأساس السياحة.

ولم تتوقف الهجمات بعد ثورتي 25 يناير 2011 أو 30 يونيو 2013، ففي 16 فبراير 2014 فجّر إرهابي نفسه في حافلة سياحية قرب طابا، ما أدى إلى مقتل 3 سائحين من كوريا الجنوبية، في عملية تبنتها جماعة «أنصار بيت المقدس الإرهابية».

ومن سوء الحظ أن هذه الهجمات المنظمة ضد أهداف سياحية تم اختيارها بعناية، وقد وجهت ضربات مؤثرة إلى الاقتصاد المصري؛ باعتبار أن السياحة ظلت لفترات طويلة مصدراً مهماً، ليس فقط للدخل القومي من العملات الصعبة، ولكن لأنها تسهم في تشغيل الملايين الذين يعولون ملايين الأسر بدورهم.

هجمات طابا وشرم الشيخ ضربت السياحة لسنوات طويلة من 2004 وربما حتى 2008، وعملية معبد حتشبسوت أصابت السياحة في مقتل لسنوات طويلة بدءاً من 1997.

وبالتالي ورغم أي خلافات مع نظام حسني مبارك في مجالات متعددة، إلا أن نجاح هذه الجماعات سواء كانت إخواناً أو«جماعة إسلامية» أو «قاعدة» ومسمياتها المختلفة، كان يعني إغراق مصر في مستنقع قد لا تخرج منه أبداً، ولدينا نماذج لدول قررت أن تترك زمام أمورها لتنظيمات تقول إنها تحكم بتفويض من السماء، فصارت أشلاء دول فاشلة.

التصدي لهذه القوى والجماعات المتطرفة لم يكن سهلاً، بل كان له ثمن باهظ في الشهداء، خصوصاً من رجال الشرطة طوال الفترة من 1990 وحتى 2013، حينما صارت الشرطة والجيش معاً، والعديد من قوى المجتمع في مرمى نيران العمليات الإرهابية.

السطور السابقة مهمة للغاية حتى يدرك الجميع أنه رغم حق الاختلاف مع الحكومات السابقة والحكومة الحالية في أي ملف بشأن السياسات الاجتماعية والاقتصادية والأولويات، لكن لا يصح بأي حال من الأحوال تجاهل ما تم بذله من دحر للإرهاب الذي لا يفرق بين مؤيد ومعارض.

 

* رئيس تحرير صحيفة «الشروق» المصرية

Email