قلوبنا في كفوفهن

ت + ت - الحجم الطبيعي

يبالغ الشعراء في صورهم الخيالية، ويكتب الروائيون والقصاصون، سرداً يرى بعضهم أن أحداثه لن تتم إلا في متون الكلام المصنوع، ويسهم بعضهم في صوغ الموال والأسطورة، التي يرددها جموع موقنة من أن المضمون المنقول لم يقع، ولن يحدث.

وفي الأم وعنها قيل الكثير، الذي لا يزال مع تراكمه قليلاً جداً، وهي التي تتضاءل المبالغات في وصف عطائها، وطيب حنانها، وتضحياتها من أجل فلذات أكبادها، فلولاها ما كنا ولولاها ما اشتد عودنا وصلب ولولاها ما باتت قلوبنا دافئة وأرواحنا ساكنة ونفوسنا طواقة في كل لحظة إلى حضن لا ينضب دفئه، حتى في أشد الليالي التي ترتجف فيها القلوب وتتجمد الأوصال.

فيا كل أم في بلاد الله الواسعة وكل مشروع أم قادمة على الدرب الأخضر ذاته، لا يوم يوفي عطاءكن ولا عدل يوزن قدركن فينصفه، لستن نصف المجتمع، لستن نصف الحياة يا كل الحياة، وكل المجتمع.

صانعة الرجال أنت وشقيقتهن، حبيبتهن، وصديقتهن، ابنتهن التي تولد بالفطرة أماً، لتولد أماً، فأمماً.

من يدانيك في حسن الطبع، والمعشر، في الصبر والاحتمال، كرهاً وطوعاً، وحكايتك مع وليدك سابقة دوماً لحمله وفصاله وهدهدته، والأخذ بيديه الصغيرتين، وترويض نفس اليد وصاحبها حينما يشتد وتشتد معه، لتصلي به يافعاً سوياً إلى بر أمان الإنسانية، التي تستمر عبرك أنت.

أنت الحبيبة، حينما يعز الأحبة أو يتكاثرون، والوفية إذا ما عز الأصدقاء وتخلوا... تحاشدوا أو تفرقوا وولوا، ثابتة أنت على ودك الصافي.. بقلبك الأبيض.. ودعائك الموصول بالسماء ليل نهار بتسديد الخطى وصلاح أحوال الولد... وأعز الولد.

ما زلنا نتذكر ما تعيه ذاكرتنا المؤقتة من ملامح أول احتفال لأسرتنا بك، نستعد لشراء الهدايا. كل ورود العالم وزهراته تتضاءل في بستان قلبك الواسع.

نكبر ويكبر معنا حبنا لك، نُنجب فنفهم أخيراً لغة مشاعرك، ويستمر حبك أنت أكبر من كل ما يحيط بك وبنا.. نرى الزهو في عينيك فنسعد، نخطو وننجح... نتعثر ونقع... وفي كل مرة نعود إليك... تحتضنينا فنعاود الارتواء من دون أن يغادرنا الظمأ.

فيا أمهات العالم... قلوبنا جميعاً في كفوفكن، رضاؤكن غاية.. وإسعادكن بهجة، وحنانكن وعطفكن ورضاكن مغنم... وتوفيق نسعى لأن يكون حليفنا... فكل عام وأنتن بخير... كل عام وأنتن الخير.

Email