مجتمعات الإنترنت مفتاح ازدهار الاقتصاد الرقمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

أصبحت فكرة المجتمعات الرقمية متغلغلة في صميم النسيج الاجتماعي والاقتصادي المعاصر نظراً إلى ما تتمتع به من جاذبية واضحة، وهي وسيلة التواصل الأكثر كفاءة وسهولة وسرعة، التي يلجأ إليها الأفراد من دون أيّ منازع، كما تسمح المجتمعات الرقمية للشركات بالتوسّع وتعزيز القيمة بأساليب مختلفة، وبالتالي تسارع الشركات التجارية وكذلك الشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة إلى اغتنام ما تزخر به المجتمعات الرقمية من قدرات لبناء اقتصاد رقمي مزدهر.

ويتجلى ذلك بأكبر شكل ممكن في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث ساعد التحوّل الرقمي الشامل على زيادة في اعتماد التقنيات المبتكرة عبر مختلف شرائح المجتمع، وهذا التحوّل يتخطى مجرد إنشاء منظومة للتكنولوجيا الرقمية تستعرض الاستراتيجية الطموحة التي تعتمدها دولة الإمارات العربية المتحدة للاقتصاد الرقمي، والتي تهدف إلى مضاعفة حجم مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي لدولة الإمارات العربية المتحدة من 9.7 % إلى 20 % بحلول عام 2031، أي بقيمة تتخطى 140 مليار دولار أمريكي. وذلك يرسّخ مكانة مجتمعات الإنترنت كلاعب رئيسي في قطاع التكنولوجيا على الصعيد العالمي. وقد رسّخت معظم شركات التكنولوجيا جذورها في الإمارات في بداية الألفية الثانية ويزداد التزامها بالسوق بقوة سنة بعد سنة.

وتتصدر دبي الريادة في هذا التحول باعتبارها موطناً لبنية تحتية تكنولوجية متطورة للغاية وكمركز مفضّل لبدء الأعمال الرقمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك بالنسبة للشركات الناشئة المملوكة للقطاع الخاص والتي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار، جديدة كانت أم قديمة. وقد قامت دبي بالعديد من المبادرات واستثمرت بكثافة في المنطقة لإطلاق الإمكانات الكاملة للاقتصاد الرقمي من أجل تحويل الإمارة إلى عاصمة عالمية للاقتصاد الرقمي، وذلك بدعم من بعض أفضل المواهب من جميع أنحاء العالم.

ويشير تقرير «اقتصاد دبي الرقمي ومنظومتها المتوسعة للشركات الناشئة» الصادر عن غرفة دبي للاقتصاد الرقمي وريادة الأعمال في الشرق الأوسط، إلى أن منظومة الشركات الناشئة في الإمارة قد جمعت تمويلات فاقت قيمتها 2 مليار دولار أمريكي عام 2022. وقد تضاعف عدد الوظائف والأشخاص الذين يعملون لحسابهم الخاص في مجال الاقتصاد الرقمي في الدولة ثلاث مرات، مما يمنح دبي الريادة عالمياً في هذا المجال. وتتوقع الإمارة رعاية وإنشاء 20 شركة ناشئة من الشركات المملوكة للقطاع الخاص والتي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار أمريكي بحلول عام 2031، كما وضعت استراتيجيات مفصّلة حول كيف يمكن لدولة الإمارات العربية المتحدة ككل أن تصبح رائدة على مستوى العالم في شبكات الجيل الخامس، وإنترنت الأشياء، والبلوك تشين، والأصول الرقمية، والتكنولوجيا الحيوية، والجيل الثالث للإنترنت، أو ما يعرف بالويب 3.

ولكن إذا كانت مجتمعات الإنترنت تحتل مكانة مهمة في صميم الاقتصاد الرقمي، فذلك يعني أن المحتوى الإبداعي أساسي لضمان نجاح تلك المجتمعات، ولا سيما بالنسبة للشركات الناشئة والصغيرة والمتوسطة، فما من بنية تحتية رقمية قادرة أن تزدهر من دون منصة إبداعية تلهمها وتتفاعل معها وتدعمها وتشكّل صلة وصل بينها وبين المجتمع.

تعاونت تيك توك وغرفة دبي للاقتصاد الرقمي (DCDE) من أجل إطلاق أكاديمية غرفة دبي – تيك توك عام 2021 مع التركيز على 1,000 شركة ناشئة وشركات صغيرة ومتوسطة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمساعدة في توثيق أعمالها وتنميتها على تيك توك. وقد شجعت الأكاديمية اعتماد الشركات على أفضل الممارسات في مجال التجارة الإلكترونية، وتبادل المعارف والخبرات في التفاعل والتعامل مع المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي دعم الابتكار والتطور التقني والإلكتروني في مجتمع الشركات الصغيرة والمتوسطة.

ومن خلال هذه الشراكة، تمكن رواد الأعمال إضافةً إلى الشركات الصغيرة والمتوسطة من الوصول إلى بوابة تعليمية مخصصة عبر الإنترنت توفر التدريب على التسويق الرقمي وتقدم المشورة للشركات بشأن كيفية البدء بتأسيس حساب على تيك توك، وتطوير المحتوى الإبداعي والاستفادة من حملات التسويق والتحسين والتواصل المباشر مع الأعمال بحثاً عن أفكار لمشاريع ناشئة.

ومع التركيز على الإبداع وعلى كيفية يمكن للشركات أن تستفيد إلى أقصى حدّ ممكن من الإعلان على المنصة للتواصل مع جمهورها المستهدف بطريقة إبداعية، قدمت الأكاديمية أدوات قيمة ومخصصة لمساعدة الأعمال على ترسيخ حضورها على تيك توك والاستفادة منه لتعزيز قوة علامتها التجارية، مع توسيع نطاق الوصول إلى الجماهير ذات الصلة في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث تتجه دبي وبخطى ثابتة نحو تأسيس اقتصاد رقمي قوي. وبفضل هذا التعاون أيضاً، تمكن العديد من رواد الأعمال والشركات الناشئة من تطوير استراتيجيات النمو الرقمي الخاصة بهم عبر مجموعة واسعة من الصناعات بما في ذلك التكنولوجيا والفنون والصحة والبناء والطاقة المستدامة.

فالشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة تعدّ محركاً رئيسياً للنمو الاقتصادي في جميع أنحاء المنطقة، وكذلك الأفراد الذين يشكلون مجتمع تيك توك، وبالتالي يعتبر تمكينهم وتجهيزهم لتحقيق النجاح في المستقبل إحدى الركائز الأساسية لنجاح الاقتصاد الرقمي في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وتُعد هذه الشراكات أمراً حيوياً لتعزيز اعتماد الشركات على أفضل الممارسات الرقمية مع مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال على توسيع نطاق وصولهم إلى عملائهم في جميع أنحاء المنطقة والعالم.

وتعتبر الشراكات من هذا النوع مكوّناً أساسياً في الرحلة المقبلة، حيث تواصل دبي التقدم نحو تحقيق مهمتها المتمثلة في أن تصبح عاصمة الاقتصاد الرقمي في العالم بحلول مطلع هذا العقد. وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة والشركات الناشئة المملوكة للقطاع الخاص والتي تبلغ قيمتها أكثر من مليار دولار، يتمثّل الشرط الأساسي لتكون جزءاً من هذا التحوّل الرقمي المزدهر في التوافق بشكل ناجح من مجتمعات الإنترنت والاستفادة من إنشاء المحتوى لتوثيق أعمالها وتنميتها.

Email