ماذا تتابع في دراما رمضان؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا توجد مسلسلات تستحق المشاهدة في رمضان هذا العام، تلك هي الجملة التي لا يكاد أحدنا يعدم سماها من أشخاص عدة، على الأقل، إن لم يكن الغالبية، حينما يقود الحديث إلى التساؤل عن ما الذي يعجبه في دراما رمضان هذا العام، وهي ثنائية سؤال وجواب متكررة، كلما عاد الشهر الكريم.

لا تقف الإجابة عند هذا الحد، وغالباً ما يذكر كل شخص، عملين أو ثلاثة، يتابعها، دون أن ينسى توبيخ أحد أسماء برامج المقالب، ضاماً إياها إلى قائمة الأعمال ذاتها التي لا تستحق المشاهدة، لكن الشخص ذاته قد يذكر في السياق مواقف ضيوف جميع الحلقات، ما يثبت عملياً أنه قد شاهدها جميعاً، وقد يعقب: شاهدتها لكنها سخيفة.

رغم ما يشوب هذا الموقف المتكرر على نطاق واسع من تناقض، إلا أنه لا ينفي حالة عدم رضا عن ما يتم تقديمه، سواء بالنسبة للمسلسلات، أم برامج المقالب، التي تحقق ذروة الرفض، وذروة المشاهدة معاً.

لذلك تسارع المنصات والقنوات الفضائية التي حظيت بهجوم موسمي اعتادته، إلى عرض نتائج استطلاعات المشاهدة، مشيرة إلى وجود أعمال استقطبتها ضمن قائمة الأكثر مشاهدة، وفق تصويت الجمهور، وهو ما قد يجعل مراقب المشهد برمته يتساءل: ماذا يريد جمهور المشاهدين من دراما رمضان؟

علينا أن نتفق أن المؤشرات السابقة جميعها قد تكون مضللة، لمن يسعى إلى الوصول لحقيقة ما يريده الجمهور من أعمال درامية في رمضان، فمن أكد أن لا شيء يستحق المشاهدة، قد عبّر بصدق عن رأيه الشخصي، وإقدامه على مشاهدة بعض أو كثير من الأعمال، يعني احتياجه لمتابعة أعمال درامية، حتى وإن لم تكن عند مستوى طموحه، وهو لن يتردد في اختيار ما تابعه بالفعل، في استطلاعات رأي المشاهدين، إذا وُضع في مقارنة مع ما أحجم عن متابعته بالأساس.

الإشكالية أن النجاح الظاهري الذي قد تعكسه هذه الاستطلاعات، تجعل هذا الموقف معاداً مكروراً، كل موسم رمضاني، فما دامت الأعمال تلقى رواجاً وتدر أرباحاً، فإن النهج ذاته سيتكرر وسيتم تكريسه، وهو ما حدث بالفعل خلال السنوات الماضية، وتحديداً بعد أن ودعت الشاشات الأعمال القادرة على جمع الأسرة من أجل متابعتها.

هذه الأخيرة تحديداً هي ما يحتاجه الجمهور من الأعمال الدرامية والمسلسلات التي يتم عرضها، في كل المواسم، وليس خلال شهر رمضان فحسب، أعمال قادرة على إثارة شغفه لمتابعتها، تحترم ذائقته، وعقله، وقيم الأسرة والمجتمع، تبني ولا تهدم، متسلحة بسحر الدراما وألقها، نصاً وتمثيلاً وإخراجاً، وسائر مكونات العمل الدرامي، تراعي خصوصيته، يتابعها فيشعر وكأنها صنعت خصيصاً من أجله. عصرية لا تحيله إلى حقب لم يعشها، وإن اختار صانعوها بأن تكون تاريخية أو تراثية، فستكون لديهم مسؤولية مهنية في إعدادها لجمهور هذا الزمان. فهل ما زال بإمكان المشاهد الحصول على مبتغاه الدرامي في رمضان، أو سواه؟

Email