محمد بن راشد.. رجل الخير والعطاء

هناك مقولة منسوبة للإمام العالم الزاهد الرباني الشيخ عبد القادر الجيلاني، رحمه الله، يقول فيها: «لُقمةٌ في بطن جائع خيرٌ من بناء ألف جامع» وهي كلمة تكشف عن رهافة الحسّ الإنساني لدى هذا المُربّي الكبير الذي كان يحمل هموم الجِياع، ويسعى في تأمين لقمة عيشهم من خلال علاقاته الحسنة مع تجّار زمانه وصانعي الخير في بلاده، استلهاماً منه لمغزى قوله تعالى حين امتنّ على الإنسان بنعمة الإطعام من الجوع (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) وتأكيداً على عظمة هذه النعمة ودورها الكبير في استقرار المجتمع الإنساني وتحقيق العدالة الاجتماعية بين طبقات المجتمع من خلال الحثّ على فعل الخير وتقديم يد العون لكل محتاج.

وقبل شهر من الزمان، وتحديداً في 19/‏ 3/‏ 2023 كان لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، موعد مع واحد من أكبر المشاريع الوقفية على المستوى العالمي حين أطلق وقف المليار وجبة المستدام، حيث تم تدشين وقفٍ مستدام يقدّم خدماته للفقراء والمحتاجين ممن عضّهم الجوع بنابه الذي لا يرحم ولا يفرّق بين صغير ولا كبير في الوقت الذي تنشغل فيه الإنسانية بالحروب وتنفق المليارات على الجبهات لتكون دولة الإمارات وبحسّها الإنساني العميق مقاتلاً باسلاً على جبهات فعل الخير وإنقاذ ملايين الأكباد الجائعة التي يقترب عددها من المليار إنسان، حيث بلغ العدد الفعلي للجياع في العالم 828 مليون إنسان منهم ستون بالمئة من الأطفال والنساء الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً.

إنّ الوصول إلى هذه المرحلة المتقدمة في سُلّم الإغاثة ومدّ يد العون والمساعدة كان قد مرّ بمراحل متواصلة متنامية على شكل باهر، حيث بدأت المبادرة عام 2020 بتقديم عشرة ملايين وجبة، ليرتفع العدد عام 2021 إلى مئة مليون وجبة ليقفز في العام 2022 إلى مليار وجبة، ثم ليكون وقفاً مستداماً في العام 2023 بحيث أخذ طابع الاستقرار والفاعلية الدائمة، وهو ثمرة من ثمرات الاهتمام التي يبديها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد نحو قيمة الحياة ويُسخّر لها كل الإمكانيات ويستنهض لها الهمم مما يعود بالخير والنفع على الدولة والشعب، فهو ينفق هذه النفقات وهو يستشعر المقولة التي يرددها: «الله أعطاك فابذل من عطيته /‏ فالمال عارية والعمر رحّالُ».

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قد نشر على حسابه في «تويتر» تغريدة أشاد فيها بالجهود الخيّرة المباركة لأبناء الوطن الذين أسهموا بشكل فاعل في تنفيذ رؤية صاحب السمو لهذا الوقف الفريد، وبمشاعر الفخر والاعتزاز بأبناء هذا الوطن كتب قائلاً: «مع خواتيم الشهر الفضيل وصلت حملة وقف المليار وجبة لأكثر من مليار وخمسة وسبعين مليون درهم شارك فيها 180 ألف شخص»، مشيراً بهذه الحقيقة إلى عمق الإحساس بالمسؤولية المجتمعية لدى أبناء هذا الوطن الطيّب المِعطاء، والهمة العالية في مدّ يد العون والمساعدة في أكبر حملة تشهدها الإنسانية لإغاثة الجياع والمنكوبين في شتى أصقاع الأرض، مُقدّماً شكره وتقديره لكل هذه الجهود المباركة بعبارة تفوح بعطر الاحترام لأبناء هذا الوطن الذين لا يخيبون الظن، حيث قال: «شكرنا وتقديرنا لجميع من ساهم في هذه الصدقة الجارية لشعب الإمارات».

وترسيخاً لقيمة فعل الخير في شهر الرحمة والخير، نوّه صاحب السموّ بأجواء الرحمة التي تميّز شعب الإمارات الذي يستلهم خُطى القائد المؤسس طيب الذكرى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، الذي غرس أزكى الخصال والمناقب في نفوس أبناء هذا الشعب فقال: «رمضان في الإمارات جميلٌ بالخير، وجميلٌ بأهل الخير، وجميلٌ بقيم الخير التي رسخها زايد الخير»، مؤكداً في ختام هذه التغريدة الرائعة على أنّ «الوقف سُنّةٌ حسنة، تضمن استدامة الخير والأجر، وبابه سيبقى مفتوحاً بإذن الله».

وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد قد أعلن عن تقديم دعم شخصي بقيمة 250 مليون درهم تضمّن أصولاً عقارية ومبالغ نقدية بلغ بها حجم التبرعات ملياراً وخمسة وسبعين مليون درهم، حيث كان المبلغ قبل تبرّع صاحب السمو قد وصل إلى 825 مليون درهم، تبرع بها 180 ألف مساهم مما يعكس أصالة هذا الشعب واندفاعه لحب الخير لا سيّما في هذه الأجواء الإيمانية المباركة، لتظلّ الإمارات بقيادتها وحكومتها وشعبها، نموذجاً يُحتذى في فعل الخير ومدّ يد العون للإنسان المحتاج تحت أي سماء وفوق أي أرض، مواصلة بذلك رسالتها الإنسانية السمحة التي رسّخ معالمها ورعاها بالقول والفعل القادة المؤسسون لهذه الدولة الزاهرة، وليظلّ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد هو الحادي الأكبر لجموع المندفعين من أبناء هذا الوطن نحو مدارات الخير ومسارات البذل والعطاء.

الأكثر مشاركة