جيش الإمارات درع الوطن وسيف القائد

قصة جيش الإمارات هي قصة نشأة الوطن، ومن أراد أن يعرف التفاصيل المثيرة لنشأة هذا الجيش الشجاع فما عليه إلا أن يقرأ القصة التاسعة والعشرين من كتاب (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً) لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الذي روى هذه القصة كمسؤولٍ عميق التأثير في مجرياتها وليس مجرد شاهدٍ على تاريخها، ومنحها عنواناً فريداً هو «جيشٌ واحدٌ لدولةٍ واحدة» والذي يُجسِّدُ عمق التلاحم الذي كان يطمح إليه مؤسس الدولة وباني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي عهد بحقيبة وزير الدفاع إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد منذ قيام الاتحاد عام 1971 م، وكان هذا يعني في جوهره العميق النهوض بتأسيس جيشٍ للوطن في ظروف في غاية الصعوبة والتعقيد، وازدادت مسؤوليات صاحب السمو جسامة حين خاطبه والده طيب الذكرى الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، قائلاً له: «أنت مسؤول عن حماية الاتحاد» لينخرط صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في عملية بناء الجيش، وهي المهمة التي عبّر عن جسامتها بقوله في قصة بناء الجيش: «من أكثر المهام حساسية التي توليتها في حياتي بناءُ جيش موحّدٍ للدولة الجديدة، الجيش دائماً هو الرادع للأعداء الخارجيين، وهو الضامن للتماسك الداخلي، وهو الحامي من الفوضى وقت الأزمات الكبرى، وهو الحامي لكافة المكتسبات، وهو الضامن للاستقرار الذي تبحث عنه الاستثمارات» ليكون ذلك كلّه هو المهمة الكبرى التي كانت تنتظر سموه في أول منصب سياديّ رفيع في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد قصّ صاحب السمو الكثير الكثير من تفاصيل هذه المهمة التي حمل أعباءها مع كوكبة من رجال الوطن وضباط الجيش الذين رأوا من همة صاحب السمو وتفانيه ما كان حافزاً لهم على مواصلة الطريق مع هذا الفارس المقدام الذي كان يعمل تسع عشرة ساعة في تلك الظروف الحاسمة من نشأة الدولة وبزوغ نجم الوطن.

في موازاة هذا البُعد المادي المحسوس من اهتمام صاحب السمو بمؤسسة الجيش كدرع للوطن، كان هناك البعد المعنوي الذي تمثّل في تخليد رمزية الجيش في شعر صاحب السمو، وتقديم أجمل القصائد التي تتغنى بهذا الجيش الباسل المغوار، ومن أجمل القصائد التي كتبها في هذا السياق قصيدة «يا موطني يحمي حماك النشامى» والتي قرأها بصوته الواثق الوقور، حيث نشر تدوينة فخمة بمناسبة يوم توحيد القوات المسلّحة على حسابه في تويتر، وقرأ بإحساس جليل تلك القصيدة التي تصدح بها حناجر أبناء الإمارات بعد أن أصبحت واحدة من أروع القصائد المُغنّاة التي تعبر عن عمق الحب والولاء الذي يسكن جوانح صاحب السمو لهذا الوطن الطيب المِعطاء.

يا موطني يحمي حماك النشامى

            جنود شعبك من بنيك المغاوير

أهل الحمية الطيبين الكراما

            وأهل الشجاعة في ظلام المخاطير

بكل هذا الحبّ يخاطب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وطنه الأحبّ إلى قلبه، مؤكّداً له أنّ رجاله الشجعان (النشامى) هم الذين يحمون حماه، ويصونون ترابه، ويذودون عن كرامته، فهم أبناؤه الشجعان المغاوير الذين لا ترهبهم بوارق الرعد ولا صليل السيوف، لأنهم أهل الحمية والحماسة والشهامة، وأهل الطيب والكرم والجرأة والإقدام حين يحتلك الظلام، وتُحدق المخاطر بالوطن من كل الجهات.

يحمون أرضك والبحر والغماما

            في برك وبحرك وجوك بتدبير

الأرض الروح لأجلك تساما

            سوم الكريم اللي ما يخاف المخاسير

وتزداد القصيدة اندفاعاً في الثناء على مناقب هؤلاء الصقور المغاوير، الذين نذروا أنفسهم لحماية الوطن كل الوطن: برّاً وبحراً وجوّاً وذلك من خلال الوعي التامّ بالمهمة الوطنية الكبرى التي تقتضي بذل الروح والقلب مبتسم، فالأوطان لا يحميها إلا كل فارس قيدوم يقدم روحه رخيصة من أجل كرامة وطنه، فهو لا يساوم على محبة الوطن، ولا ينظر إلى وطنه من خلال معيار الربح والخسارة، فالوطن فوق كل هذه المطالب، ومَهْره الحقيقي هو الروح وكل ما ملكت اليد.

جنودك اللي يلحجون العداما

من حاولوا ضيمك بظلم وتقصير

ما فيهم إلا الشهم مثل الحساما

كلهم فدا من أجلك صغير وكبير

إن هؤلاء الصقور الحوّامة في سماء الوطن هم جنوده الأشاوس الذين يُلحقون الهزيمة بكل من تُسوّل له نفسه أن يعتدي على أرض الوطن، أو أن يسومه بالظلم والتقصير، فهم حُماة الوطن ودرعه الحصينة، وليس فيهم جبان ولا خوّار بل كلهم مثل السيوف المسلولة من صغيرهم وكبيرهم، وأرواحهم منذورة فداء لهذا الوطن الغالي العزيز.

هم أقسموا وأعطوا عهود وذماما

            يحمونك إمن اللي على أمنك يغير

هم الحماة وهم حصنك إذاما

            نادى المنادي هاتف بالتكبير

إنّ هؤلاء الشجعان ليسوا مجرّد موظفين في مؤسسة وطنية بل هم حُماة الدار الذين يعطون العهد ويقسمون اليمين على حماية الوطن من كل مُعتدٍ مهما كان الثمن، فهم الحصن وهم الدرع وهم الفرسان الذين يعتلون ظهور الخيل حين ينادي المنادى قائلاً: الله اكبر، فلا تجد فيهم إلا كلّ مقدام جسور يخوض غمرات المنايا، ولا ينكص على عقبيه حين يحتاجه الوطن وتناديه أرض الإمارات.

الله أكبر طاير النصر حاما

            لبيك يا دار الكرم والمناعير

واستبشري يا دار فيك الكراما

         أنتي بهم يا دار في نعمة وخير

ثم كانت هذه الخاتمة البديعة لهذه القصيدة الوطنية الرائعة، حيث رفع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد صوته بنداء (الله أكبر) مبشّراً بطائر النصر الذي يحوّم في سماء الوطن تعبيراً عن إحساس الفخر بهذا الجيش الذي يقوم على هؤلاء الصناديد الشجعان (المناعير) ناشراً مشاعر الأمل والتفاؤل والبشرى بوجود هؤلاء الكرام من أبناء الوطن الذين يحمون حماه، ويصونون ما أسبغ الله عليه من نعمة وخير، لتظلّ الإمارات دار هيبة وعزّ، وأمان واستقرار، وليظلّ جيشها الباسل هو صمام الأمان لكل تحديات الداخل والخارج مؤدّياً واجبه بحبٍّ وانتماء يستحقه هذا الوطن الأصيل المَهيب.

الأكثر مشاركة