لا تنتهي كل الحكايات بإسدال الستار، أو الختام الرسمي لتفاصيلها، بل على العكس تماماً قد يكون الأمر، فنهاية رواية، وقراءة كتاب أو قصيدة، أو مشاهدة فيلم سينمائي قيم، ربما يأخذنا بعد نهايته، إلى بداية جديدة، ووعي وفكر وتذوق يمتد تأثيره ليصبح فاصلاً أو شاملاً بالنسبة لنا.

هكذا كان معرض أبوظبي الدولي للكتاب الذي اختتم الأحد في أرض المعارض «أدنيك»، بأيامه السبعة، وهكذا هو حال معارض الكتب، ندخلها جوعى عطشى آملين الشبع والارتواء من فيض نتاجها، وما توفره من كتب وندوات ونقاشات، ونخرج منها ونحن أكثر دهشة وشغفاً بالمزيد، لتمتد الحكايات رغم انقضاء الفعاليات.

لا يوجد تجمع سنوي يمكن أن يجمع أطياف المعارف والثقافات والفنون، منتجيها ومتذوقيها، المهتمين بها، والمنشغلين بصناعتها، حرفة ونقداً وإبداعاً، ولا توجد مظلة توفر كل هذه الخيارات مجتمعة سوى تلك النعمة الكبرى. معارض الكتب، والتي تزخر الإمارات، ولله الحمد، بالعديد منها، وفي مقدمتها معرضا أبوظبي والشارقة للكتاب.

إسدال الستار بداية، فرب شطر من وجدان شاعر، أو جملة من خيال قاص، فكرة ساقها باحث أو مفكر أو أكاديمي، تضيئ لدى متلقيها ما يقوده إلى كشف أبعد، يكون جزءاً من متوالية أفكار وخيالات، أو يحيله إلى «قصص لا تنتهي»، تلك العبارة التي شكلت شعاراً لمعرض أبوظبي الدولي للكتاب، في دورته الثانية والثلاثين.

نعود من معارض الكتب محملين بحصيلة مختارة تضمن لنا محطات تطول أو تقصر في فضاء القراءة والاطلاع، ونعود أيضاً بحالة لا ينجح في صياغتها سوى مشاهد معارض الكتب، بعد أن طفنا على دروب شتى من إبداعات فنانين وكتاب، وتفاعلنا مع لقاءات ومنتديات أدبية ونقدية وفكرية، وغيرها، فاقتنصنا قصصاً وحكايات وخيالات وأفكاراً تنمو وتكبر، وتأبى ألا تفارقنا.

زائر معرض الكتاب، ليس كزائر سواه، والصفقات التي تتم في أروقته قد تكون بالغة التأثير في مقتنيها، فتصبح بداية لصناعة مزيد من التساؤلات والشغف والقصص التي لا تنتهي، وبكل تأكيد فمن لم يكن محظوظاً بزيارة ناجحة لأحد المعرضين، أو كليهما، وأعني معرض أبوظبي الدولي للكتاب ومعرض الشارقة الدولي للكتاب، فقد فاته بالفعل الكثير، لكن دورية الانعقاد تتيح دائماً الفرصة للجميع، مع الأمل بأن يكون دائماً، وكما اعتدنا من هذين الصرحين المعرفيين والثقافيين، قادم معارض الكتب في الإمارات أجمل وأكثر ثراء.