محبة الناس هبة من الله عز وجل، فمن خلالها يمكن تحديد مكانتك في محيطك الاجتماعي والعملي، و«الإنسان اجتماعي بطبعه» كما يقول ابن خلدون في مقدمته المشهورة، ما يعني أنه فطر على العيش وسط المجموعة لا بعيداً عنها، حيث يؤسس معها علاقاته، ويبني على أساسها خططه التي تدفع بحياته نحو مستقبل مختلف.

والحديث عن المحبة يفتح أعيننا على «صناعة الألفة» التي يصفها الدكتور روبرت ديلتز، الباحث في مجال الهندسة النفسية، بأنها «حلقة من التأثير المتبادل»، ويمكن اعتبار الألفة بأنها تعكس جوهر الاتصالات الناجحة، وتمثل «القدرة على التغلغل داخل عوالم الآخرين، وجعلهم يشعرون بقدرتك على فهمهم»، ما يشير إلى وجود رباط مشترك بينك وبينهم.

ومعروف بأن الانسجام بين البشر ينشأ نتيجة التشابه من النواحي الداخلية والعاطفية والنفسية، ووجود رابط مشترك بين الأشخاص، وفي ذلك دلالة على وجود علاقة وطيدة بينهم، لذا فإن التحول من حالة التنافر إلى الانسجام ما هي إلا مرحلة انتقالية من التركيز على الاختلافات إلى التركيز على المتشابهات، حيث يمثل ذلك الخطوة الأولى في عملية الاتصال الحقيقي بين شخصين، وبدء عملية تقليص الفوارق «غير الواعية» بينهما، ما يؤدي إلى خلق أجواء من الألفة.

في محيطنا العملي نحتاج إلى صناعة الألفة، فهي تمثل الطريق لاكتساب ثقة الطرف الآخر، فيما يمثل إتقان قراءة لغة الجسد مفتاح هذه الصناعة، كون الناس يشتركون في 4 لغات رئيسية، هي: اللغة البصرية، واللغة السمعية، ولغة المشاعر، ولغة المعاني، فعندما تصل بالألفة إلى شخص آخر، فهناك احتمال كبير أن يقوم بالخطوة نفسها تجاهك. ما يعني وضع النفس في أقصى حالاتها الإيجابية، لأن الألفة تعتبر سلسلة من التقنيات التي تجعل الآخرين يشعرون بأننا نشبههم، وتعتبر المماثلة وهي تشابه الحالة الفسيولوجية لشخص ما، والتعاكس وهي صورة مرآة لفسيولوجيا شخص ما، من أبسط طرق صناعة الألفة.

مسار:

التوازن بين العقل والعاطفة والجسد ضروري لحدوث الألفة.