القدوة الأولى.. دروس في مدرسة محمد بن راشد

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك حقيقة دينية واجتماعية وأخلاقية راسخة الحضور في التجربة الإنسانية، خلاصتها: أنّ من كان بارّاً بوالديه، كان أبناؤه به من البارّين، وهي حقيقة ناصعة الوضوح في مسيرة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبيّ، رعاه الله، الذي قدّم واحدة من أروع صور البرّ والوفاء لوالديه الكريمين، في كل كتاباته ومواقفه وشعوره الأخلاقي بهذه الحياة.

وها هي سيرته الذاتية الثمينة (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً)، خير شاهد على صدق هذه الحقيقة في شخصية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، الذي أنجز من الإنجازات الباهرة ما يجعله في الصف الأول من عظماء الإنسانية والوطن، لكنه يأبى بكرم خلقه ورشيد نظره، إلا أن يجعل ذلك ثمرة ناضجة من ثمرات الانتماء لوالده معلّمه الأكبر، المغفور له، الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، ذلكم النجم الذي لا يزداد على مرور الأيام إلا توهّجاً في الوجدان العام لأبناء الوطن، وذلك بسبب عمق حضوره في الحياة بعد وفاته، بسبب ما سطّره قلم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد من مناقب.

هذا الفارس النادر، الذي كان يستشرف المستقبل البعيد لهذه البلاد الزاهرة، ويتخذ الخطوات الحاسمة التي جعلت منه مؤسساً عظيماً من رجال هذا الوطن الكبار، الذين تستعصي سيرتهم على النسيان، وقُلْ مثل ذلك في ما كتبه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد عن الدروس الأخلاقية العظيمة التي استلهمها من التربية الناضجة العميقة، على يدي سيدة دبي، المغفور لها، الشيخة لطيفة بنت حمدان، رحمها الله، مرسخاً بهذه الأخلاق الفريدة نموذجاً من السلوك الإنساني الفريد في علاقة الأبناء بالآباء، وإحياء ذكراهم كنماذج إنسانية تستحق موقع الأستاذية والقدوة.

وعلى خُطى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، يسير أنجاله الكرام البَرَرة، الذين ربّاهم على عينه، وغرس في شخصياتهم أروع المناقب، وأفضل الأخلاق، وجعلهم الورثة الحقيقيين لمناقب آبائهم وأجدادهم، فكانوا خير خلف لخير سلف، وعرفوا قيمة ومعنى أن يكونوا أبناءً لهذا الوالد الكبير والقائد المُلهِم، وتجسّد ذلك في استلهام سيرة والدهم في الحكم والإدارة، وكرم التعامل مع أبناء الوطن، وعبّروا عن ذلك بسلوكهم قبل كلّ شيء، وببعض الكتابات التي يسطّرون فيها الدروس المستفادة من انتمائهم لمدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم.

في هذا السياق، من الفخر بمدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد، طالعنا سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، رئيس المجلس التنفيذي، فخر شباب الوطن وزينة فرسانه، بمادة تصويرية نشرها على حسابه في إنستغرام وتويتر، تحكي قصة الحبّ الكبير الذي يُسبغه والده، صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد، على أبنائه جميعاً، لا سيما سمو الشيخ حمدان.

حيث يحفل الفيديو بمجموعة رائعة من الصور التي تحكي العلاقة التي تربط بين قلبيهما، وتجسد روعة الحب في أبهى صوره، وما أكثر ما كتب سمو الشيخ حمدان من الكلمات والتغريدات التي ترسم بريشة الفنان، هذه العلاقة النادرة بين هذا الوالد الكبير وأبنائه الشجعان.

كما كتب سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد نائب حاكم دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير المالية، كلمة متوهّجة بالحبّ، على حسابه في إنستغرام، ذكر فيها بعض الدروس التي تعلّمها في مدرسة هذا المعلّم الكبير، افتتحها بقوله: «تعلّمتُ من مدرسة محمّد بن راشد، أنّ الأب هو القدوة الأولى، وأصدق مدرسة وأهمّ معلّم لأبنائه».

مضيئاً بهذه الكلمات الموقع الكبير الذي يحتله والده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في وجدانه، فهو القدوة الأولى بكل ما تشتمل عليه كلمة القدوة من معنى، فالرجل لا يكون قدوة، إلا إذا كان يتمتع بصفات نادرة، قلّ اجتماعها في شخص واحد من الحكمة والحزم والجرأة والأناة والصبر والحسّ العميق بالمسؤولية، بحيث تكون القدوة سلوكاً يشهده الإنسان بقلبه وعقله، قبل أن يكون كلاماً نظرياً فارغاً من المضمون العملي.

ولذلك، قال خبراء التربية: لا ترهق نفسك وأنت تنصح أبناءك، فإنهم لن يفعلوا إلا ما رأوك تفعله، في إشارة إلى عمق التعليم بالعمل، وهو ما يحرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على غرسه كقيمة أخلاقية وإدارية، ليس فقط بين أبنائه، بل بين جميع أبنائه من شعب الإمارات، الذين يحرص على تثقيفهم، وتقديم الدروس العلمية لهم، في سبيل صقل شخصياتهم، وتدريبهم على مواجهة الحياة، بكل ما فيها من الصعوبات والتحديات، فإذا كان القدوة كذلك، فهو أصدق مدرسة في هذه الحياة، لأنّ ثمرة هذا التعليم ستكون واضحة للعيان، وليست مجرد حكم منثورة مخزونة في بطون الكتب والدفاتر.

«تعلّمتُ من مدرسة سموّه: أنّ الأب سند العائلة ومصدر فخرها، وسرّ أمانها واستقرارها»، في هذا الجزء من هذه التغريدة الإنسانية الجميلة، ينتقل سموّ الشيخ مكتوم من العام إلى الخاص، فيتحدّث عن عمق الحضور لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد على المستوى الخاص للأسرة التي تربّى فيها هؤلاء الفرسان.

فالأب هو سند العائلة، وجبلها الكبير الذي يستند إليه الجميع، ويجدون عنده الأمان الكامل، ويملأ مشاعرهم وأرواحهم بالفخر والمجد، وقلوبهم بالسكينة والطمأنينة، ليكون ذلك استقراراً وأماناً، ومسيرة فائقة الحضور في الحياة.

«تعلّمت من سموّه أنّ حب الآباء قوة، وإيمانهم بأحلام أبنائهم تمكين، وأنّ ما يزرعه الأب من قيم الخير في أبنائه، لا يمكن لتحديات الحياة أن تنزعها»، ثم ختم سموّ الشيخ مكتوم هذه التغريدة الرائعة بهذه الكلمات، التي تلخّص الدور الكبير للأب، حين يحتضن أحلام أبنائه، فالأب هو مصدر القوة في حياة أبنائه، وهو الذي يُمكّن لهم الحضور الفاعل العميق، حين يرعى أحلامهم، ويسقي ورود قلوبهم، ويزرع في أرواحهم أنبل الصفات وأشرف المناقب، فعلى هذا النمط من التربية، تنشأ الرجال القادة، الذين لا تُزعزع إرادتهم وعزمهم وتصميمهم صعوبات الحياة، لأنّ جرعة القيم التي تلقّوها، ستظلّ حاضرة في وجدانهم كلّما واجهتهم الصعوبات، وبرزت في طريقهم التحديات.

هذه هي مدرسة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نبعٌ فيّاض من القيم والمناقب، وبحرٌ متلاطمٌ من الفضائل التي يشهد لها القاصي والداني، وفارسٌ صنديد لا تلين له قناة، ووالدٌ رحيم، يفتخر به كلّ من عرفه واقتبس شيئاً من ناره الّتي لا تخمد، مهما زمجرت العواصف واشتدت الرياح.

Email